وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمر فإرشادهم لمصالحهم في دنياهم وأخراهم، وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما يجهلون من دينهم ودنياهم، ويعينهم عليه بالقول والفعل وستر عوراتهم وسد خلتهم، ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه والذب عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، وتنشيطهم على الطاعات وقد كان السلف رضي الله عنهم من يبلغ به النصيحة إلى الإضرار بدنياه والله أعلم.
قال ابن بطال في هذا الحديث: إن النصيحة تسمى دينا وإسلاما وسلاما، وإن الدين يقع على العمل كما يقع على القول، قال: والنصيحة فرض كفاية يجزي فيه من قام به ويسقط عن الباقين.
قال: والنصيحة لازمة على قدر الطاعة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه فإن خشي إذا فهو في سعة والله أعلم. انتهى كلام النووي في شرح مسلم. والله أعلم.
نعم وهذه النصيحة والخاتمة عن الوقوع في شيء مما وقع فيه صاحب هذه الرسالة من المجازفة والوقيعة في المسلمين والخطأ الذي وقع فيه من الطعن في سنة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - والإرشاد للانتباه عن الغفلة التي وقع فيها والتحذير من ذلك بعد بيان بطلان رسالته.
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم، والحمد لله رب العالمين.
وافق الفراغ من زبره ليلة الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة 1177ه.
مخ ۶۳