قال الإمام الحافظ: وأثبتنا رواية أبي ثعلبة الخشني: إن من ورائكم أياما يصير للعامل فيها أجر خمسين منكم قالوا بل منهم قال بل منكم زاد قالوا لم يا رسول الله قال لأنكم تجدون على الخير أعوانا قال وقد بالغنا في بيان ذلك وأيضا في اليسير في أقسامه على التمام وجملته أن الصحابة رضوان الله عليهم الذين أسسوا الدين ورتبوا قواعده وعدلوا ميزانه وأبانوا برهانه بمناقب تساموا إليها وتفاوتت درجاتهم فيها فمنهم سابق ولا حق وأول وآخر ويبعد كل البعد يساوي المنتهي منهم المبتدي فما ظنك بمساواة من بعدهم لهم هذا لا يخطر ببال أحد وإنما وجه الحديث على الجملة أن معظم مقاصد الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفظ القانون الذي تقوم به رياسة الدين لسياسة العالمين فرضه دائم إلى يوم القيامة وتكثر المناكر في آخر الزمان ويقل المغيرون لها ويذهب المعروف ويعدم الداعي إليه والأمر به فإذا قام بهذا أحد أومن كان فله أضعاف ما كان من الأجر للصحابة في هذه الخصلة وحدها ويفضلون الخلق بعظم سائر الخصال التي تضامها الصحبة الكريمة ومشاهدة تلك الغرة الزاهدة وبلقى تلك الأخلاق الطاهرة فهذا وجه إن صح الحديث ويشهد له قول المتمسك بدينه عند فساد الناس كالقابض على الجمر انتهى كلام الحافظ شارح الترمذي وقال سعد الدين التفتازاني في التلويح ما لفظه فإن قيل قد قال عليه السلام: (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره) فكيف التوفيق قلنا الخيرية تختلف بالإضافات والاعتبارات فبالقرون الأول السابقة خير بنيل شرف قرب العهد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولزوم سيرة العدل والصدق واجتناب المعاصي ونحو ذلك على ما أشار إليه قوله عليه السلام يفشو الكذب.
مخ ۵۲