أقول: يا للعجب من هذا القول!! فإن الجبر لا يلتزمه أحد من المحدثين، بل هم قائلون بثبوت الإختيارية للعبد والحيوان، والجبر مذموم عندهم، بل منهم من كفر القائل به، وإنما يقول به جهم بن صفوان وأصحابه الجهمية الجبرية هذا ظاهر مسطر في كتبهم، وفرقوا بين الحركة الاضطرارية كحركة المرتعش وبين الحركة الاختيارية من أقرب من صرح بذلك صحاب المنتهى لابن الحاجب الذي كان في المدارس مقروء لا يجهله إلا من كان قاصرا أو متجاهلا لأنه بين أيدي جميع أهل الوقت فأين القاضي ابن سعد الدين، وكذلك العقائد النسفية وشرحها لسعد الدين التفتازاني، فإنها التي أجمع عليها أهل السنة في الشرق والغرب، ولفظها: وللعباد أفعال اختيارية يثابون بها إن كانت طاعة ويعاقبون عليها إن كانت معصية، لا كما زعمت الجبرية أنه لا فعل للعبد أصلا، وأن حركته بمنزلة حركات الجمادات لا قدرة عليها ولا قصد ولا اختيار وهذا باطل؛ لأنا نفرق بالضرورة بين حركة البطش وحركة الارتعاش، ونعلم أن الأول باختياره دون الثاني؛ ولأنه لو لم يكن للعبد فعل أصلا لما صلح تكليفه ولا ترتب استحقاق الثواب والعقاب على أفعاله إلى آخر ما ذكره سعد الدين! فكيف يكون جبريا من هذا قوله الله المستعان.
وأما إلزامهم الجبر من قولهم بالمشيئة والإرادة فلم يلزموه أصلا، بل هو نصوص أئمة أهل البيت المتقدمين كزيد بن علي، والصادق ، والباقر، والحسن، والحسين، وزين العابدين وجميع الصحابة والتابعين يعرف ذلك من عرف ممن طالع الكتب القديمة ك"مجموع" زيد بن علي الكبير، وجامع آل محمد وغيرها.
مخ ۲۶