وأصل الحديث معروف من رواه أوثق منهم، وذكر عن غير أبي زرعة نحوه، ثم لما عرف بجواب مسلم عذره في ذلك فزال الإشكال حينئذ، كما ترى في قول أبي زرعة على أنه ذكر الشيخ محمد أبو سعيد بن علي الهاشمي في جوابه على الدار قطني ما لفظه: قال مكي بن عبدان: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة فكلما أشار إلى أن له علة تركته إلى آخر كلامه، وأما تضعيف أبي زرعة للبخاري، فقد قال المورد في رسالته هذه التي أجبنا عليه ما لفظه: "وإن أبا حاتم الرازي، وأبا زرعة تركا حديثه (يعني: البخاري) لما كتب إليهما محمد بن يحيى الذهلي بذلك يعني: بمقالة البخاري في اللفظ بالقرآن، فهذا صريح منه بأن تضعيفه كان لأجل مخالفته له في الاعتقاد في مسألة اللفظ بالقرآن الكريم وهي مسألة معروفة بين المتقدمين وقع فيها خلاف عظيم، فالتضعيف لأجل هذا السبب غير صحيح لا يوجب التضعيف أصلا، وترك الحديث إن قيل أن الحاكم المعتزلي روى عن أبي علي المعتزلي: "إن العمل عندهم على التلقي بالقبول من جميع الأمة إلا الإسناد كما ذكره في حديث مخالفة آدم موسى وهو في الصحيحين، فإن أبا علي رده فاعترض بالخبر الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - : "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"، فهذا خبر صحيح بالاتفاق فقيل لأبي علي: هذان خبران بإسناد واحد فكيف تصحح أحدهما وترد الآخر؟! فقال: ما قبلت ذاك بالإسناد ولا رددت هذا الإسناد، ولكن ذلك خبر يتضمن حكما وتلقته الأمة بالقبول فقبلته، وهذا خبر يخالف الأصول فرددته انتهى.
مخ ۲۴