ومن ذلك حديث: من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر فهذا عند أهل الحديث ضعيف، وجزم الإمام القاسم بن محمد بأنه موضوع. وقد رواه في "الشفا" و"الانتصار" و"البحر"؛ فيلزم ابن سعد الدين أن يكون صحيحا، وهو خلاف المعلوم فتتناقض قوله.
ومنها حديث: ليس منا من استنجى من الريح ولفظه عند ابن عساكر، والديلمي في "الفردوس" وصرح (من استنجا من الريح فليس منا) فهذا الحديث موضوع كما ذكره الإمام المهدي في "الغيث" وهو في "الانتصار" و"الشفا" وغير ذلك كثير يضيق سرده هنا مما يناقض قول القاضي ابن سعد الدين.
وروى أحمد بن سليمان في "أصول الأحكام" عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في كتاب الشهادة على الزنا أنه قال للتي أقرت عنده: "لعلك اغتصبت لعل زوجك من عدونا" فهذا لا أصل له ولم يروه أحد من المحدثين أصلا غير المؤيد بالله في شرح "التجريد" رواه بلا إسناد، ثم إن معناه مشكل في قوله: "لعل زوجك من عدونا" لأنه لا يسقط الحد بذلك بالإجماع.
إن قال: العهدة على المصنف فيما روى فلا يجب البحث.
قيل له: هذا لم يقل به أحد من العلماء، والإمام المهدي عليه السلام وإن قال بذلك: فإنما أراد إذا لم يكن في الرجال مجهول، صرح به في "مقدمات البحر".
قال صاحب "الفصول": إنما يصح ذلك إذا علم أن المصنف لا يروى إلا عن عدل يعنى: قد بحث عن الرجال ونقدهم، ثم أرسل فيصح ذلك.
ومعلوم أن "الانتصار" و"أصول الأحكام" و"الشفا" وشرح "التجريد" لم ينقدوا الرجال كل فرد فردا -أصلا- كما هو ظاهر لا شك فيه، بل إنما يصح لهم السماع عن المصنف للكتب التي نقلوا منها تلك الأحاديث المجموعة فقط، فحينئذ عاد القول إلى وجوب البحث عن الرجال في مثل هذه الكتب التي لم يعرف شرطها قطعا، إذ رواية المجاهيل غير مقبولة إلا عند بعض الحنفية وهو خلاف قول الجمهور.
مخ ۱۵