فجلس إلى البيانو وقبل أن يبدأ تكلمنا عن «الكونسرت»، وتبادلنا الآراء في أصوات المنشدين والمنشدات حتى وصلنا إلى ذات الحكاية، فسألته: «أهي من تلاميذك؟»
أجاب: «كلا ولكنها من تلميذات السيدة ك. وقد اجتمعت بها عندها غير مرة.»
قلت: «أسمعهم يلقبونها تارة بالمدام وطورا بالمدموزيل، أمتزوجة هي أم عزباء؟»
فتنهد وقال: «يا لها من امرأة مسكينة!»
فقلت: «وهل من ظروف حياتها ما يحرك الشفقة إلى هذه الدرجة؟»
فقال: «ومن ذا الذي لا يشفق على امرأة جمعت بين الحسن والذكاء والصلاح وهيأتها الطبيعة لتسعد وتسعد فلم يكن نصيبها إلا الشقاء؟»
قلت: «أي شقاء تعني؟»
قال: «كيف؟ ألا تعرفين حكايتها؟»
قلت: «أعرف عنها نتفا مبعثرة. ومن ذا الذي يستطيع أن يرسم لحياة امرئ صورة جلية من كلام الناس؟»
فتنهد مرة أخرى ، وجرت أنامله بسرعة على السلم الموسيقي كأنه يسرح شيئا من أسفه أو يبحث عن أسلوب جديد لحكاية قديمة. ثم غشت نظرة سحابة وقال: «كان والد هذه الفتاة قاضيا في المحاكم المختلطة وهو على جانب كبير من العلم والذكاء، فعلم ابنته وثقفها أحسن تثقيف. ولما جاء وقت الزواج جرى لها ما يجري لفتيات كثيرات؛ أي إن والديها انتقيا لها خطيبا أجنبيا مثلها، رأيا فيه ما يملق مطالبهما الاجتماعية. وكان على الخاطب مسحة من الجمال فلم تعارض. ورضيت كما ترضى الكثيرات من أخواتها ليفرحن بالأثواب، والأساور والحرية المنتظرة، فتزوجت في عرس فخم دعي إليه أعيان الجاليات الأوروبية. ولم يكن حتى استولى الزوج على البائنة المتفق عليها.»
ناپیژندل شوی مخ