316

سارم مونکي

الصارم المنكي في الرد على السبكي

پوهندوی

عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني

خپرندوی

مؤسسة الريان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۲۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

د حدیث علوم
فصل
والمعترض قرر هذا التأويل على تقدير حياة النبي ﷺ وموته، وقد تبين بطلانه ولو قدر أنه ﷺ حي في قبره مع أن هذا التأويل الباطل إنما يتم به وقوله: «إن من شفقته ﷺ على أمته أنه لا يترك الاستغفار لمن جاء من أمته»، فهذا من أبين الأدلة على بطلان هذا التأويل، فإن هذا لو كان مشروعًا بعد موته لأمر به أمته وحضهم عليه ورغبهم فيه، ولكان الصحابة وتابعوهم بإحسان أرغب شيء فيه وأسبق إليه، ولم ينقل عن أجد منهم قط وهم القدوة بنوع من أنواع الأسانيد أنه جاء إلى قبره ليستغفر له، ولا شكى إليه ولا سأله والذي صح عنه من الصحابة مجيء القبر هو ابن عمر وحده، إنما كان يجيء للتسليم عليه ﷺ وعلى صاحبيه عند قدومه من سفر، ولم يكن يزيد عل التسليم شيئًا البتة، ومع هذا فقد قال عبيد الله بن عمر العمري الذي هو أجل أصحاب نافع مولى ابن عمر، أو من أجلهم، لا نعلم أحدًا من أصحاب النبي ﷺ فعل ذلك إلا ابن عمر.
ومعلوم أنه لا هدي أكمل من هدي الصحابة، ولا تعظيم للرسول فوق تعظيمهم ولا معرفة لقدره فوق معرفتهم، فمن خالفهم إما أن يكون أهدى منهم، أو مرتكبًا لنوع بدعة، كما قال عبد الله بن مسعود لقوم قد رآهم اجتمعو على ذكر يقولنه بينهم: لأنتم أهدى من أصحاب محمد، أو أنتم على شعبه ضلالة (١) .
فتبين أنه لو كان استغفاره لمن جاءه مستغفرًا بعد موته ممكنًا، أو مشروعًا لكان كما شفقته ورحمته، بل رافقه مرسله ورحمته بالأمة يقتضي ترغيبهم في ذلك وحضهم عليه ومبادرة خير القرون إليه.
وأما قول المعترض: وأما الآية (٢) وإن وردت في أقوام معينين في حال الحياة فإنها تعم بعموم العلة فحق فإنها تعم ما وردت فيه، وكان مثله عامة في حق كل من ظلم نفسه وجاءه كذلك، وأما دلالتها على المجيء إليه في قبره بعد موته فقد عرف بطلانه، وقوله: وكذلك فهم العلماء من الآية العموم في الحالتين، فيقال له: من فهم هذا من سلف الأمة وأئمة الإسلام، فاذكر لنا عن رجل واحد من الصحابة أو التابعين، أو تابعي

(١) انظر البدع لابن وضاح ص١١ فما بعدها.
(٢) في كتاب السبكي (والآية) بدلًا من قوله (وأما الآية) .

1 / 320