297

سارم مونکي

الصارم المنكي في الرد على السبكي

پوهندوی

عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني

خپرندوی

مؤسسة الريان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۲۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

د حدیث علوم
قال ابن مسعود ﵁: من كان منكم مسننًا فليستن بمن قد مات، فإين الحين لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد ﷺ أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فأعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود هنا أن الصحابة تركوا البدع المتعلقة بالقبور بقبره وقبر غيره لنهيه ﷺ عن ذلك ولئلا يتشبهوا بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور الأنبياء أوثانًا، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه إذا قدم من سفر كما كان بن عمر يفعل، بل كانوا في حياته يسلمون عليه، ثم يخرجون من المسجد لا يأتون إليه عند كل صلاة، وإذا جاء أحد سلم عليه رد عليه النبي ﷺ، وكذلك من سلم عليه عند قبره رد عليه، وكانوا يدخلون على عائشة فكانون يسلمون عليه كما كانوا يسلمون في حياته، ويقول أحدهم السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقد جاء هذا عامًا في جميع قبور المؤمنين ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه لروحه حتى يرد ﵇ (١)، فإذا كان رد السلام موجودًا في عموم المؤمنين، فهو في أفضل الخلق أولى، وإذا سلم المسلم عليه في صلاته، فإنه وإن لم يرد عليه لكن الله يسلم عليه عشرًا، كما في الحديث: «من سلم علي مرة سلم الله عليه عشرًا» (٢)، فالله يجزيه على هذا السلام أفضل مما يحصل بالرد، كما أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه عشرًا، وكان ابن عمر يسلم عليه، ثم ينصرف، ولا يقف لدعاء له، أو لنفسه، ولهذا كره مالك ما زاد على فعل ابن عمر من وقوف ودعاء له أو لنفسه لأن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة فكان بدعة محضة.
قال مالك: لن يصلح آخر الأمة إلا ما أصلح أولها، مع أن فعل ابن عمر إذا لم يفعل مثله سائر الصحابة إنما يصلح للتسويغ كأمثال ذلك فيما يفعله بعض الصحابة وأما القول بأن هذا الفعل مستحب، أو منهي عنه، أو مباح فلا يثبت إلا بدليل شرعي، فالجواب والندب والإباحة والاستحباب والكراهة والتحريم لا يثبت شيء منها إلا بالأدلة الشرعية، والأدلة الشرعية كلها مرجعها إليه صلوات الله وسلامه عليه فالقرآن هو الذي بلغه والسنة هو الذي عملها، والإجماع بقوله عرف أنه معصوم، والقياس إنما يكون حجة

(١) تقدم.
(٢) تقدم تخريجه.

1 / 301