والمستأخرين، ونسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتتنا بعدهم واغفر لنا ولهم.
وإذا كانت زيارة قبور عموم المؤمنين مشروعة فزيارة قبور الأنبياء والصالحين أولى لكن رسول الله ﷺ له خاصة ليست لغيره من الأنبياء والصالحين وهو أنا أمرنا أن نصلي ونسلم عليه في كل صلاة (١)، وشرع ذلك في الصلاة وعند الأذان (٢) وسائل الأدعية، وأن نصلي ونسلم عليه عند دخول المسجد ومسجده وغير مسجده، وعند الخروج (٣) منه وكل من دخل مسجده فلا بد أن يصلي فيه ويسلم عليه في الصلاة، والسفر إلى مسجده مشروع لكن العلماء فرقوا بينه وبين غيره حتى كره مالك أن يقال: زرت قبر النبي ﷺ لأن المقصود الشرعي بزيارة القبور السلام عليهم والدعاء لهم، وذلك السلام والدعاء فقد حصل على أكمل الوجوه في الصلاة في مسجده وغير مسجده وعند سماع الأذان وعند كل دعاء فشرع الصلاة عليه عند كل دعاء (٤) فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
ولهذا يسلم المصلي عليه في الصلاة قبل أن يسلم على نفسه وعلى سائر عباد الله الصالحين فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (٥)، ويصلي عليه فيدعو له قبل أن يدعو لنفسه، وأما غيره فليس عنده مسجد فيستحب السفر إليه كما يستحب السفر إلى مسجده، وإنما يشرع أن يزار قبره كما شرعت زيارة القبور، وأما هو فيشرع السفر إلى مسجده، وينهي عما يوهم أنه سفر إلى غير المساجد الثلاثة.
_________
(١) يشير إلى أحاديث التشهد في الصلاة. منها حديث ابن مسعود أخرجه مسلم.
(٢) يشير إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي..) رواه مسلم ١/٢٨٨، وأبو داود ١/٣٥٩، وأحمد ٢/١٦٨، والنسائي ٢/٢٥ والترمذي ١٠/٨٣ تحفة وأبو عوانة ١/٣٣٧ والبيهقي ١/٤٠٩-٤١٠.
(٣) راجع رسالتنا (اتحاف الراكع الساجد في أذكار الدخول والخروج من المساجد) .
(٤) ويشير إلى حديث فضالة بن عبيد أنه قال: سمع رسول الله ﷺ رجلًا يدعوا في الصلاة ولم يذكر الله ﷿ ولم يصل على النبي ﷺ وعلى آله وسلم فقال رسول الله: عجل هذا ثم دعاه وقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم ليدع بعد بما شاء، رواه أحمد ٦/١٨ ورواه أبو داود ٢/١٦٢، والنسائي ٣/٤٤ والترمذي ٩/٤٤٩، تحفة وابن السني في عمل اليوم والليلة ١١١.
(٥) يشير رحمه الله تعالى إلى التشهد.
1 / 31