نعم المحرم إنما هو قصد قتلهن فأما إذا قصدنا قصد الرجال بالإغارة أو نرمي منجنيق أو فتح شق أو إلقاء نار فتلف بذلك نساء أو صبيان لم نأثم بذلك لحديث الصعب بن جثامة أنه سأل النبي ﷺ عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب الذرية فقال "هم منهم" متفق عليه ولأن النبي ﷺ رمى أهل الطائف بالمنجنيق مع أنه قد يصيب المرأة والصبي وبكل حال فالمرأة الحربية غير مضمونة بقود ولا دية ولا كفارة لأن النبي ﷺ لم يأمر من قتل المرأة في مغازيه بشيء من ذلك فهذا ما تفارق به المرأة الذمية وإذا قاتلت المرأة الحربية جاز قتلها بالاتفاق لأن النبي ﷺ علل المنع من قتلها بأنها لم تكن تقاتل فإذا قاتلت وجد المقتضى لقتلها وارتفع المانع لكن عند الشافعي تقاتل كما يقاتل المسلم الصائل فلا يقصد قتلها بل دفعها فإذا قدر عليها لم يجز قتلها وعند غيره إذا قاتلت صارت بمنزلة الرجل المحارب.
إذا تقرر هذا فنقول: هؤلاء النسوة كن معصومات بالأنوثة ثم إن النبي ﷺ أمر بقتلهن لمجرد كونهن كن يهجينه وهن في دار حرب فعلم أن من هجاه وسبه جاز قتله بكل حال.
ومما يؤكد ذلك وجوه:
أحدها: أن الهجاء والسب إما أن يكون من باب القتال باللسان فيكون كالقتال باليد وتكون المرأة الهاجية التي يستعان برأيها على حرب المسلمين كالملكة ونحوها مثل ما كانت هند بنت عتبة أو تكون بنفساه موجبة للقتل لما فيه من أذى الله ورسوله والمؤمنين وإن كان من جنس المحاربة أو لا يكون شيء من ذلك