ثم اسألي نفسك: ما نهاية كل هذا وما العاقبة وما المصير؟ لو بقيت على هذه الحالة سنة واحدة لفقدت جمالك في عنفوان شبابك، وفقدت كل ثقتك واحترامك لشعور الأنوثة الذي لا سعادة لامرأة بغيره. وماذا في الحياة بعد فقد الثقة وفقد احترام الشعور؟ أنت في تلك الحالة بين اثنتين: إما أن تألفي العيشة التي تؤلمك الآن، وهذا هو موت النفس الذي يموت به كل سرور صحيح .
وإما أن تتعذبي بها أبدا بغير عزاء يهون عليك فقد الصحة والنضارة، وأنت إنما تفرين من العذاب وتطلبين الراحة والاطمئنان.
أنت تتألمين ولكنك تجهلين ما يدفع عنك هذا الألم المخيف ... فاذكري نوبات الحيرة وتبكيت الضمير التي كانت تساورك حين تحضرين إلي، واذكري كيف كنا نفترق وقد هدأت نفسك بعض الهدوء واستراح ضميرك بعض الراحة ... كان اهتمامي بك حتى بالغضب عليك يفرج شيئا من الضيق الذي يسد عليك منافذ الأمل؛ لأنه يعطيك فكرة عالية في نفسك، فيعزيك ويقويك ويرفع عنك ذلك الصغار الذي يسمم كل شعور وينغص كل نعيم.
اذكري كيف كان وجهك يشرق بالبشاشة من عهد قريب، وكيف ظهر ذلك على صحتك وملامحك، فسألتني في يوم من الأيام بين الجد والمزاح: أصحيح؟ أصحيح أن وجهي يمتلئ ويحلو؟ كان ذلك وأنت تشعرين إلى جانبك بنفس إنسانية تحنو عليك وتفكر فيك وتجتهد في عذرك ما استطاعت، وترعاك في الغيبة والحضور، وهذا أحوج ما تحتاج إليه المرأة خاصة في هذه الحياة.
فكل امرأة - كل امرأة بلا استثناء - في وسعها أن تجد رجلا يأخذها جسدا ويطرحها سائما بعد حين بلا أسف ولا شكر ولا احترام.
ولكن ليست كل امرأة واجدة تلك النفس العطوف التي تفهم الدنيا وتفهمها وتحب لها الخير لغير غاية وتهتم بها وحدها بين جميع الناس، وتراها أهلا للرضى والغضب والشكر والملام.
أنت أم فاذكري ذلك جيدا.
أنت فتاة ذكية متعلمة حساسة يقل بين الفتيات مثلك في هذه الصفات، فلا تنسي عزتك التي تليق بك ولا تنزلي قدرك منزلا لا ترضاه لقدرها كل فتاة، واسألي نفسك مرة أخرى: هل وصلت امرأة إلى العاقبة المخيفة - إلى المرض والهوان - من غير هذه البداية؟ وهل وصلت امرأة إلى تلك العاقبة وهي تظن أنها واصلة إليها أو قريبة منها؟ كلا! ... كلهن يا صديقتي يحسبن أن النهاية بعيدة، وأن الاحتراس كاف للأمان الدائم والنجاة من عاقبة غيرهن، والعاقبة واحدة على كل حال!
ولست أنت لسوء حظك كأولئك النساء اللواتي تحوطهن حمايات كثيرة وقرابات مشتبكة تستر العيوب وتضلل الشبهات.
فأنت في حياة التجرد والانفراد عرضة لكل شيء وفريسة رخيصة لكل واش أثيم، وكم جنى عليك حرمانك من أنس القرابة الشفيقة وحنان الأم الرءوم ومعيشة الزوجية الهانئة، فخسرت السعادة وأفسد عليك اليأس عاطفة الرحمة والإخلاص.
ناپیژندل شوی مخ