وثانيا:
لأننا في الغالب لا نحب أن نعرفها إلا مضطرين، حين نيأس من قدرتنا على جهلها ونشك ثم نشك ثم نرى آخر الأمر أن الشك أصعب وأقسى من مواجهة الحقيقة والصبر عليها.
وثالثا:
لأننا إذا عرفناه ففي الغالب - أيضا - أنها تكلفنا تغيير عادة من العادات، وليس أصعب على النفس من تغيير ما اعتادت ... فالموت نفسه لا صعوبة فيه لولا أنه يغير ما تعودناه، وفراق الموتى لا يحزننا لولا أنه تغيير عادة أو عادات كثيرة.
وقد كانت الحقيقة أنهما - أي صاحبنا وصاحبتنا - قد تغيرا كثيرا بعد أن مضت على صحبتهما برهة من الزمن، ولكنهما لبثا برهة أخرى من الزمن وهما لا يريدان أن يعترفا بهذا التغيير.
تغيرا فلا سرور لهما في اللقاء، وقد كان اللقاء عندهما أكبر سرور يشعر به الإنسان.
ولكنهما لم يزالا يتلاقيان. •••
تغيرا واشتد بهما التغيير، وهما لا يجسران على مواجهة الحقيقة ... فلو سأل نفسه هل يريد اللقاء حقا أو يريد الفراق لما استطاع الجواب، أو لقال في نفس واحد أنه يريد اللقاء ويريد الفراق.
ولو سألت هي نفسها هذا السؤال لكان جوابها أنها لا تعلم لماذا تحضر في الموعد كل يوم، ولماذا لا تفضل الانقطاع عن الحضور.
هو لم يجزم بخيانتها كل الجزم؛ فلماذا يتركها؟ ... ولكنه لا يسر بلقائها؛ فلماذا يلقاها؟
ناپیژندل شوی مخ