وذهب يعد أباه عاجزا عن فهم أبسط الأشياء لأنه هرم غبي وأخذ يلومه من حيث لا يشعر على شيخوخته وآرائه العتيقة وراح تهيجه منه وتستفزه هذه الآراء.
ولم يلتذ ما طرقه ريازانتزيف من الأحاديث، بل لم يكد يلقي إليه سمعه وجعل يرصد أباه بعين لامعة مظلمة.
ولما جاء وقت العشاء دخل نوفيكوف وإيفانوف وسمينوف.
وكان سمينوف طالبا مصدورا يعيش منذ شهور في البلدة حيث يدرس وهو نحيف دميم ضعيف، وعلى وجهه الذي أدركه الهرم قبل الأوان ظل الموت الزاحف. أما إيفانوف فمدرس، وهو رجل مجتوي طويل الشعر، عريض الكتفين لا تروقك شمائله.
وكانوا يتمشون في الشارع فسمعوا أن يوري عاد فوفدوا لتحيته، وصار المجلس بهم أنيسا وكثر الضحك والمزاح، ودارت على الأكل الكئوس والأقداح وبذهم إيفانوف في هذا الباب.
أما نوفيكوف فإنه في الأيام التالية لخطبته المنحوسة لليدا هدأت نفسه قليلا وخطر له أن تأبي ليدا قد يكون عارضا، وهو على كل حال خطأ تلزمه تبعته، فقد كان ينبغي أن يعدها لمثل هذه المكاشفة، ولما كان يؤلمه مع ذلك أنه يزور أسرة سانين فقد جعل يتوخى أن يلاقي ليدا خارج بيتها - في الطريق أو في منزل صديق له ولها - وجعلت هي ترثي له وتنحي باللائمة على نفسها واندفعت لذلك تبالغ في ملاطفته، فتجدد الأمل في نفس نوفيكوف.
ولما هموا بالانصراف قال نوفيكوف: «ما قولكم في هذا؟ أقترح أن نخرج إلى الدير.»
وهذا الدير قائم على تل غير بعيد من البلدة، وإليه يذهب الناس كثيرا طلبا للنزهة وهو قريب من النهر والطريق إليه حسن.
فارتاحت لياليا إلى الفكرة وحمست لها، وكانت ولوعة بكل أنواع الملاهي من استحمام وتجديف وسير في الغابات وقالت: «نعم لنذهب. نعم بلا شك ولكن متى يكون هذا؟»
فقال نوفيكوف: «لماذا لا نذهب غدا؟»
ناپیژندل شوی مخ