120

وأحنقه عبث هذا التشريح لنفسه ونفدت قواه فنام.

الفصل الرابع عشر

بكت لياليا في غرفتها طويلا ووجهها مخبوء في الوسائد حتى أخذ عينها الكرى، وقامت في الصباح برأس متصدع وعين منتفخة، وكان أول ما خطر لها أن البكاء لا يجمل بها لأن ريازانتزيف سيتغذى معها، وأخلق به إذا هي لجت في البكاء أن يروعه منظرها وهيئتها، ثم ذكرت أن الأمر انقضى بينهما فألهبت هذه الذكرى حبها وأشعرتها ألما مرا فبكت من جديد، وقالت وحاولت أن تحبس دموعها: «يا لها من نذالة وشناعة! ولماذا؟ لماذا؟»

وجعلت تكرر هذا السؤال كأنما غلبها البث والحزن على الحب الذي ضاع وأهاجها أن ريازانتزيف كان يكذبها أبدا على هذا النحو. «وليس هو بالكذوب وحده بل كل من عداه كانوا يكذبون مثله. كانوا يدعون أنهم أتم ما يكونون سرورا بوشك زواجنا ويزعمونه رجلا شريفا طيبا! لا لا! إنهم لم يكذبوا في الواقع ولكنهم لم يروا أن زواجنا خطأ. وما أشنع ذلك منهم!»

وهكذا خيل لها أن كل من حولها أشرار بغيضون، فأسندت جبينها إلى زجاج النافذة ونظرت إلى الحديقة من خلال دموعها، وكانت الحديقة في ثوب من الجهامة. والمطر يضرب زجاج النافذة فلم تدر أيهما حجب الحديقة عن عينها: المطر أم دموعها. وكانت الأشجار كاسفة ولم ينزل القطر عن أوراقها الصفراء، ولا تكاد تبدو غصونها السوداء من خلال خطوط الديمة السحاحة السكوب التي أحالت ممشى الحديقة مستنقعا من الطين.

وأحست لياليا أنها شقية وأرسلت طرفها إلى المستقبل فلم تر فيه نجم أمل واحد يومض وكرت إلى الماضي فإذا هو مظلم.

وجاءت الخادمة تدعوها إلى الإفطار، سمعت لياليا ألفاظها ولكنها عجزت عن فهم معناها.

ولما جلست إلى المائدة ألفت نفسها مرتبكة كلما خاطبها أبوها، ولم يخامرها شك في أن كل الناس قد أحاطوا علما الآن بغدر حبيبها وزيف حبه، فبادرت إلى العود إلى غرفتها وجلست مرة أخرى تنظر إلى الحديقة الساهمة الموحشة. «لماذا يغدر؟ وما الذي يدفعه إلى إيذائي وإيلامي؟ أترى يفعل هذا لأنه لا يحبني؟ كلا! إن توليا يحبني وأحبه. إذن فماذا؟ إن الأمر هذا: لقد خدعني وكان في خلال ذلك يخطب وداد كل امرأة مقبوحة. فيا عجبا، أ أحببنه كما أحبه؟»

سألت نفسها ذلك في دلال وحرارة ثم قالت: «تالله ما أحمقني، ما خير أن أقطع قلبي بالأسى والتفكير في هذا؟ لقد خانني عهدي فانقضى الأمر بيني وبينه، آه، ما أتم شقاوتي! نعم يحق لي أن أقطع قلبي أسى، لقد غدر بي، وكان يجدر به أن يعترف لي بذلك على الأقل ولكنه لم يفعل، فيا لها من نذالة، يقبل زمرا من النساء غيري، ولعله أيضا ... يا للشناعة ويحي لقد صرت شقية!»

ثم غنت نفسها:

ناپیژندل شوی مخ