أي: فيكون دليلا للقول الأصح أن القنوت فيما عدا الصبح للنازلة، ولو جعلت لقنوت غير النازلة ففيها دليل لقنوت الصبح أيضا؛ لأنه إذا ثبت استحبابه في الكل -ومن جملتها الصبح- ثبت فيه بالضرورة، وكذا إذا ثبت في الصبح والمغرب أو في الظهر والعشاء والصبح؛ لأن الصبح مذكور في جميع الروايات. وعلى هذا القول يكون معنى ((ثم تركه)): ثم ترك الدعاء على المشركين في القنوت لا أصل القنوت، فالضمير المنصوب في تركه سواء كان مذكورا أو محذوفا راجع للدعاء المفهوم من قوله: ((يدعو على أحياء من العرب))، لا للقنوت المفهوم من ((قنت)). و((شهرا)) ظرف ليدعو ولقنت المقيد بيدعو الواقع حالا لأنه جملة فعلية، ويجوز أن يكون استئنافا جوابا لقول القائل: ما كان يقول في قنوته؟ وقد مر أن دليل النافين حديث أبي مالك الأشجعي: أنه محدث، وقد ترجم الترمذي: باب ترك القنوت في الفجر. وأورد الحديث المذكور.
قال الحافظ ابن حجر بعد تخريجه له: (هذا حديث صحيح أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يزيد بن هارون. فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه أحمد عن يزيد بهذا الإسناد فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضا عن إسماعيل بن محمد عن مروان بن معاوية.
وأخرجه الترمذي أيضا من رواية أبي عوانة، والنسائي من رواية خلف بن خليفة، وابن ماجه أيضا من رواية عبد الله بن إدريس وحفص بن غياث، خمستهم عن أبي مالك الأشجعي، وصححه الترمذي وابن حبان، واسم أبي مالك: سعد بن طارق بن أشيم، بفتح الهمزة والياء آخر الحروف بينهما شين معجمة.
وقد أخرج مسلم بهذا الإسناد حديثا غير هذا فهو على شرطه، وعجبت للحاكم إذ لم يستدركه، وقد أجاب من أثبت القنوت بأن المثبت مقدم على النافي، أو لعلهم أسروه فلم يسمع، أو كان بعيدا أو نسي)، انتهى كلام ابن حجر.
قلت: لا سيما وقد تقوت رواية الإثبات بشواهد صحيحة.
مخ ۶۴