فقال له الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه افهم ما أقول لك اعلم أن الله تعالى لا يخالط الناس بمشاهدة العيان ولا يشافههم بالكلام ولكنه جلت عظمته يبعث إليهم رسلا من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم فلما جاءوهم فكانوا من جنسهم كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق @HAD@ قالوا لهم إنكم مثلنا لا نقبل منكم حتى تأتوا بشيء نعجز أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار فغرق جميع من طغى وتمرد ومنهم من ألقي في النار فكانت عليه بردا وسلاما
فلق له البحر وفجر له من الحجر العيون وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون @HAD@ ومنهم من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله وأنبأهم بما يأكلون ويدخرون في بيوتهم ومنهم من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم أن يأتوا بمثله كان من تقدير الله جل جلاله ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين وفي أخرى حال مغلوبين وفي حال قاهرين وأخرى مقهورين ولو جعلهم عز وجل في جميع أحوالهم قاهرين غالبين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم-
مخ ۶۷