تبلغ محل مهبها في ذلك الوقت ، فتتحلل البخارات منه ، ولذلك يكون هبوبها قليلا جدا وأما الشمال فهي من ناحية الشام ، وهبوبها من نحت بنات نعش ، وهي باردة يابسة لأنها تأتي من الجهة التي لا تسامتها الشمس أصلا بل لا تقربها ، ويكون الثلج وجمود الماء بها كثيرا ، وهي أشد هبوبا من الجنوب لأنها تهب من موضع ضيق كالماء الذي يخرج من الأنبوب الضيق بخلاف الجنوب كذا في عجائب المخلوقات للقزويني.
والذي رأيناه في اليمن : ان الجنوب أشد هبوبا من كل الرياح ، فلعل ذلك في غير اليمن ، وتكون العلة ظاهرة حينئذ ، لأن الجنوب يمانية كما سنذكره وقد ذكرت الشعراء الشمال في أقوالها ، فمن ذلك قول سيدنا الشريف الرضي رضياللهعنه (*) من قصيدة
وهبت لأصحابي شمال لطيفة
قريبة عهد بالحبيب بليل
قال النواجي (1): وتجمع الشمال على شمائل ، ولذا حسن به التورية ، ومنه قول الشيخ شمس الدين محمد الأرموي (2):
كم للنسيم على الربى من نعمة
وفضيلة بين الورى لن تجحدا
وكان الصاحب بن عباد رحمه الله يترنم بقول أبي نواس (*):
هبت لنا ريح شمالية
متت إلى القلب بأسباب (3)
مخ ۱۰۲