188

التي بعثها معه كسرى ، وجاءه الوفود من العرب تهنئه ، وفيهم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وخويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، وأبو زمعة المذكور. فدخلوا عليه وهو في أعلى قصره المعروف بغمدان بمدينة صنعاء ، وهو مضمخ بالعبير وسواد المسك يلوح في مفرقه ، وسيفه بين يديه ، وعلى يمينه ويساره الملوك وأبناء الملوك ، وأبناء المقاول (1). فتكلمت الخطباء ونطقت الزعماء وقد تقدمهم عبد المطلب بن هاشم فقال :

أن الله جل جلاله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا ، شامخا باذخا ، وأنبتك نباتا حسنا طابت أرومته ، وعزت جرثومته ، وثبت أصله وبسق فرعه في أكرم معدن ، وأطيب موطن فأنت أبيت اللعن رأس العرب وربيعها الذي يخصب ، وأنت أيها الملك ذروة العرب التي إليها تنقاد ، وعمودها الذي عليه (2) العماد ، ومعقلها الذي تلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف. فلن يخمل ذكر من أنت سلفه ، ولن يهلك من أنت خلفه ، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزأة. فقال له الملك : وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال : أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. قال : ادن ، فدنا. ثم أقبل عليه وعلى الوافدين فقال لهم : مرحبا وأهلا ، وناقة ورحلا ، ومستناخا سهلا ، وملكا ربحلا ، يعطي عطاء جزلا. قد سمع الملك مقالتكم ، وعرف قرابتكم ، وقبل وسيلتكم. فأنتم أهل الليل وأهل النهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم. ثم قام أبو زمعة جد أمية ابن أبي الصلت فأنشد (3):

ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن

ريم في البحر للأعداء أحوالا (4)

مخ ۲۰۱