قال شيخنا في كتابه تحفة الأبرار: اعلم أن من هيأ شيئا رجاء حصوله سمى راجيًا فكذلك من أطاع الله رجاء القبول أو تاب ورجا الغفران. وأما من داوم على التفريط ورجا عنه فإنه مغرور لا راج قال ﵇: " الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ". وأما الخوف فإنه توقع جناية، وينبغي لكل ذي حظية أن يكون خائفًا من العقوبة وقد يقع من السابقة ومن الخاثمة والمؤمن لابد له من الخوف. قال الدرامي: كل قلب ليس فيه مخافة فهو خراب وقد يقود الخوف إلى القلق والبكاء وقد كان رسول الله ﷺ يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل وقال ﵇: " لما أسرى بي رأيت جبريل ﵇ كالحِلس البالي مُلقى من خشية الله تعالى ". وقد كان أبو بدر الصديق رضى الله عنه يقول: " ليتني شجرة تعضد لم تؤكل ". ولقد مر عمر رضى الله عنه بتبنه فقال: ليتني كنت هذه التبنة. وقال على يوم الجمل: " وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ". وقال أبو عبيدة: " لوددت أي كنت كبشًا فذبحني أهلي وأكلوا لحمي وحسوا مرقي ". وقال ابن مسعود: " لو وقفت بين الجنة والنار فخيرت بينهما أو أكون ترابا، لأخترت أن أكون ترابًا ". وقال عمران بن حصين: " ليتني كنت رمادا فتذروه الرياح ". وقالت عائشة رضى الله عنها: " ليتني كنت نسيًا منسيًا ". وخوف السلف وبكاؤهم مشهور. وقال يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما، وقال العارفون: يجب على العبد أن يكون في صحة بدنه خوفه ورجاؤه سواء، وفي حال مرضه يكون رجاؤه، وفي حال وقوعه في المعصية يكون خائفا فإنه أعون على دفع المعصية. واعلم يا أخي أن القلب إذا خلا من الخوف خرب، والخوف سوق يسوق ويعوق: يسوق إلى الطاعة، ويعوق عن المعصية. قال سيدي عبد العزيز الديريني: الخوف على معان: خوف النار، وخوف البوار، وخوف السابقة، وخوف الخاتمة. نسأل الله تعالى حسن الخاتمة.
فصل
في بيان المعاصي
قال الشيخ عبد العزيز ﵀: اعلم أن المعاصي على قسمين: ترك فريضة وفعل محرم.
1 / 51