205

سلات

الصلاة للإمام أحمد

ژانرونه

معاصر

(1) قال الغزالي في وصف كبر العلماء والعباد : ( ويترشح الكبر منهم في الدين والدنيا ، أما الدنيا : فهو أنهم يرون غيرهم بزيارتهم أولى منهم بزيارة غيرهم ، ويتوقعون قيام الناس بقضاء حوائجهم وتوقيرهم والتوسع لهم في المجالس ، وذكرهم بالورع والتقوى وتقديمهم على سائر الناس في الحظوظ ...وكأنهم يرون عبادتهم منة على الخلق ، وأما في الدين فهو أن يرى الناس هالكين ويرى نفسه ناجيا ، وهو الهالك تحقيقا ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم الرجل يقول : هلك الناس فهو أهلكهم ) أخرجه مسلم ح2623 ، وإنما قال ذلك لأن هذا القول منه يدل على أنه مزدر بالخلق مغتر بالله ، أمن من مكره غير خائف من سطوته ، وكيف لا يخاف ويكفيه شرا احتقاره لغيره ، قال صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء شرا أن يحقر أخاه المسلم ) أخرجه مسلم ح2564..وهذا يعرفك أن الله تعالى إنما يريد من العبيد قلوبهم ، فالجاهل العاصي إذا تواضع هيبة لله ، وذل خوفا منه فقد أطاع الله بقلبه ، فهو أطوع لله من العالم المتكبر والعابد المعجب ، ثم إنه يمتن على الله بعمله ، ومن اعتقد جزما أنه فوق أحد من عباد الله فقد أحبط بجهله جميع عمله ، وحكمه لنفسه بأنه خير من غيره جهل محض ، وأمن من مكر الله ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، لكن العلماء والعباد في آفة الكبر على ثلاث درجات : الأولى : أن يكون الكبر مستقرا في نفسه ويرى نفسه خيرا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع ويفعل فعل من يرى غيره خيرا منه ، فهذا قد رسخ في قلبه شجرة الكبر ولكنه قطع أغصانها بالكلية ، والثانية : أن يظهر ذلك على أفعاله بالترفع في المجالس والتقدم على الأقران وتصعير الخد وتقطيب الجبين ونحو ذلك ، ومع شناعة فعل هؤلاء فهم أخف من الذين بعدهم ، الثالثة : الذين يظهرون الكبر على ألسنتهم حتى يدعوهم إلى المفاهرة والمباهاة وتزكية النفس ، فيقع الواحد منهم في أي عابد يذكر تنقيصا لحق المذكور وتناء على نفسه فيقول من فلان وما عبادته ، أما أنا فلم أفطر منذ كذا ، وأصلي في اليوم كذا ونحو هذا ) ملخصا من الإحياء 4 / 151 153 .

مخ ۱۰۶