نړیوال سوله او د ښځې برخه پکې د هغې ترلاسه کولو کې
السلام العالمي ونصيب المرأة في تحقيقه
ژانرونه
1
ولست أجد للتعبير عن سمو شعور المرأة بالواجب الإنساني وتفانيها في التضحية خيرا من أن ألخص لكم تلك القصة البديعة التي خلدها الشاعر الفرنسي الكبير «فرانسوا كوبيه» في قصيدته الشهيرة «السهرة»:
هي قصة فتاة فرنسية من الأسر النبيلة تدعى «إيرين دي جرانييف» ذهب خطيبها «روجيه» إلى ميدان القتال في الحرب الفرنسية الألمانية سنة 1870. وكانت تحبه حبا شديدا؛ فكانت تبتهل إلى الله سبحانه وتعالى بأن يرده سالما. وتقضي الوقت في مؤاساة الفقراء وزيارة العائلات التي سافر أبناؤها إلى ميدان القتال كخطيبها، ووصلها منه مرة خطاب ينبئها أنه سليم معافى فطارت فرحا، واشتد أملها بعودته سالما.
وفي ذات مساء سمعت دوي الرصاص على مقربة من دارها، ثم رأت رجال الإسعاف يحملون إلى الدار فتى ألمانيا جريحا، فعنيت به وأنزلته في الحجرة التي كان ينزل بها «روجيه»، ودعت الطبيب الذي بلغها أن حالة الجريح شديدة الخطورة، ولكنه قد ينجو من الموت بشرط مراعاة الدقة في تمريضه، والسهر عليه الليل بطوله، وإعطائه الدواء في مواعيده ساعة بعد ساعة. فأجابت الفتاة النبيلة أنها على أتم استعداد للسهر عليه بنفسها؛ لأنها تدعو الله إذا ما وقع خطيبها جريحا أن يهيئ له سيدة ألمانية تسهر عليه.
وانصرف الطبيب ففتح الجريح عينيه، وقد سمع ما دار من الحديث، فقال بصوت خافت: شكرا لك يا سيدتي عن نفسي وعن تلك التي ستردينني إليها. فطلبت إليه أن يلتزم الصمت وينام. فقال لها: ولكن هنا على صدري سرا أريد أن أبثك إياه الآن خوف أن يدهمني الموت. اسمعي يا سيدتي: إن الحرب شيء هائل فظيع. لقد قادني النحس إلى «متز» في الشهر الماضي، فقتلت جنديا فرنسيا. فخفق قلب إيرين خفقانا شديدا، وامتقع وجهها، فخفضت نور المصباح حتى لا يرى شحوب لونها. واستمر الجريح يقول: وقد طعنت الجندي المسكين في ظهره، بينما كان يقوم بواجب الحراسة، وعدت إليه عند انتهاء المعركة، فوجدته لا يزال به رمق من الحياة وهو يتلوى من الألم، ويعالج سكرات الموت، فانحنيت عليه، وحاولت إسعافه، فقال لي بصوت متقطع: لا فائدة من إسعافي ومد يده المرتعشة إلى صدره الدامي، وأخرج منه توطا «مداليونا»، ودفعه إلي وهو يقول: «عدني بأن ترسل هذا إلى ...» ثم انقطعت أنفاسه قبل أن يذكر اسم تلك التي يريد أن يرسل إليها النوط. وها أنا ذا يا سيدتي أدفع إليك بدوري هذه الحلية راجيا منك البحث عن صاحبتها وتوصيلها إليها إذا لقيت حتفي. ودفع إليها بالنوط، وما إن وقع نظر إيرين عليه حتى وثب قلبها من مكانه وثبة هائلة، واضطربت كل جوانحها. فقد كان ذلك النوط هو نوط حبيبها وخطيبها «روجيه». ولكن الفتاة النبيلة الباسلة استطاعت أن تتجلد، وأن تخفي آلامها عن الجريح. واكتفت بأن قالت له في هدوء مدهش: «نم هادئا، فأنا أعدك بتوصيلها لصاحبتها.»
وبعد أن نام الجريح، قامت في صدر إيرين المسكينة معركة عنيفة بين واجبها الإنساني وبين دم خطيبها المقتول؛ إذن فقد مات خطيبها وانهارت آمالها. مات بيد هذا الألماني الغادر الذي طعنه غيلة من الخلف. إذن فيد هذا الجريح ملوثة بدم خطيبها، وهذا القاتل الخائن ينام الآن في فراش القتيل. وها هي إيرين خطيبة القتيل التي ستسهر على هذا القاتل، وتجاهد الموت الذي أوشك أن يمد إليه يديه الفاتكتين. وهي التي عليها أن تقضي الليل ساهرة إلى جانب فراشه، وأن تقدم إليه الدواء مرة كل ساعة؛ لكي تحول بينه وبين الموت الذي ينشب فيه أظفاره.
يا لسخرية القدر! واهتزت الفتاة المسكينة كالعصفور بلله القطر، وهي تقول: حقا، إن هذا أقوى ما تحتمله قوة البشر. وبغتة نظرت إلى إحدى زوايا الغرفة، فرأت سيف الجندي الألماني وهو ذلك السيف الذي سالت على حده دماء «روجيه» فهمت أن تأخذ السيف لكي تقضي به على القاتل. ثم تراجعت. أية حاجة بها إلى السيف؟! يكفي أن تمتنع عن إعطائه الدواء في ميعاده، ويفرض أن سنة من الكرى قد لعبت بأجفانها.
وبينما هي في ثورة هذه العاصفة الجامحة إذا بالمريض يتقلب في فراشه، ويقول وهو في غيبوبة الحمى: «الدواء ... اسقني الدواء.»
انظر إلى الشاعر وهو يقول: إن إيرين رفعت حينئذ نظرها إلى تمثال المسيح المصلوب، وألقت عليه نظرة الشهيد الذبيح، ثم تقدمت إلى الجريح ولم تحول نظرها عن تمثال حامل الآلام، وسكبت له الدواء وسقته إياه في رفق، وابتهلت إلى صاحب التمثال أن يغفر لها ما خالج نفسها المعذبة لحظة من الرغبة في الانتقام.
ثم استمع إليه وهو يقول: إنه حين عاد الطبيب عند الشفق لكي يرى حالة مريضه، ونظر إلى إيرين وهي تحمل كأس الدواء بين يديها إذا بالشيب قد وخط شعرها.
ناپیژندل شوی مخ