أنت يا مولاي تميل إلى مثله؟
صلاح الدين :
نعم. فما يحب الشجاع إلا الشجاع، ولا يميل إلى العظيم إلا العظيم؛ فخل الغيرة والحسد إلى قلوب النساء، فما نحن إلا رجال، ومع ذلك فكيف تحسبني أميل إليه؟ ألا تعلم أنني أحب أن أراه خصمي في ساحة الحرب، ومنازلي في معترك الخيل، وإنني إذا أردت النصر فعليه، وإذا رغبت فخرا في قتال فلكي أنال ذلك في قتاله؟ وإلا فأي فخر لصلاح الدين إذا لم يقهر أبطالا ولم تنازله أبطال؟ وفوق ذلك فإنهم إذا كانوا قد جعلوا هذا الملك رأسا لهم؛ فإنه لا يمنع اختلاف أحوالهم واضطراب أمورهم، وما هي إلا نار يغطيها رماد، وسينكشف لك لظاها متى نسفت ريح الحسد رمادها عن قلب ملك فرنسا وملك النمسا وغيرهما من ملوك هذا الجيش الذي لم أر أحدا منهم رضي بقلب الأسد إلا بلسانه، ولا سلم بإقامته رئيسا إلا خجلا من إخوانه، وأقل كلمة بينهم تظهر الحقد من خباياه؛ فيكشف بها كل واحد منهم عن دخائل لبه، وباطل نياته، بل هم ليسوا على اتفاق إلا في ساعة الصدام، ولكنهم متى رجعوا إلى أنفسهم فكل واحد منهم الملك الهمام؛ فلا يغرنك منهم هذا السكون الآن، فيا ويل القتال من القتال.
عماد الدين :
ولكن ألا يعلم مولاي السلطان أسباب هذه الهدنة؟
صلاح الدين :
ذلك ما لم أعرفه إلى الآن، ولا بد أن يكون له سر خفي ستظهره لنا الأيام، ومهما يكن من أمر هذه الهدنة فلا خوف علينا منها؛ لأننا في بلادنا، ومنازلنا بين قومنا وعشائرنا، ولكن الخوف عليهم لأنهم غرباء، ولكل ملك منهم مملكة تدعوه شئونها وأحكامها، بل لكل رجل منهم أهل وأوطان يشتاقها ويصبو إليها، ولا بد من أن ينتهي أمرهم إلى ما قلت لك من الشقاق والنفور ... ولكن من بالباب.
الجزء الثالث (صلاح الدين - عماد الدين - خادم)
خادم :
الشعراء يا مولاي ومعهم مدائح السلطان.
ناپیژندل شوی مخ