قد يقال مثلا: إن أمريكا ستعلم أن مقاطعة العرب دائمة، وأن معونتها إسرائيل في هذه الحالة لا تفيد.
وقد يقال مثلا: إن عداوة العرب والعالم الإسلامي كله مشكلة خطيرة في السياسة الدولية، وإن عداوة الصهيونية لأمريكا لن تكون مشكلة خطيرة يحفل بها الشعب الأمريكي أو الدولة الأمريكية؛ لأن الصهيونية عالة على القوم لا قبل لها بمحاربتهم كما كانت تحارب البريطان والألمان.
والمسألة في جوهرها أكبر من مسألة الخلاف الحاضر بين العرب وإسرائيل.
فإنما هي مسألة الموازنة بين نتيجتين لا معدى عن إحداهما على تعاقب الأيام.
فإما أن تذهب إسرائيل من حيث أتت، وإما أن تبقى الأمم العربية فريسة لإسرائيل تأكل من لحمها ودمها وتحول بينها وبين التقدم، لكي تأمن مزاحمتها اليوم وغدا وإلى آخر الزمان في ميدان الصناعة والتجارة والارتقاء على الإجمال.
وذهاب إسرائيل من حيث أتت أهون النتيجتين وأدناهما إلى المعقول.
وذهابها من حيث أتت نتيجة محتومة في مصير صهيون.
إن صهيون عاشت من قبل على طوابيرها الخامسة في جميع الأقطار، وليس من طبيعة الطوابير الخامسة أن تعمر طويلا إذا تفتحت عليها الأنظار.
إن صهيون عاشت من قبل على اللعب من وراء الستار بأعمال الصيرفة وأسواق المضاربات، وليس في مقدورها اليوم أن تعيش بهذا اللعب المكشوف، لأن شئون الثروة ترتبط في العصر الحاضر بأطوار الاجتماع وثورات الأمم وحقوق الطوائف الطبقات، ولا يسهل العبث بها وراء الأبواب وبين الجدران.
إن صهيون قد عاشت من قبل بالبضاعة التي تسميها «الاضطهاد» وتتجر بها بين اليهود وغير اليهود، فإذا وقع الاضطهاد في العصر الحاضر فهو مشكلة لدويلة إسرائيل قبل أن تكون مشكلة للدول التي تضطهد اليهود، أو تحاول إنقاذهم من الاضطهاد.
ناپیژندل شوی مخ