فتلا القرآن ودعا إلى الله تبارك وتعالى ورغب في الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: والذي بعثك بالحق لنمنعك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب والحلقة ورثناها كابرا عن كابر.»
هو اتفاقية دفاع مشترك ستقوم فيها حروب مقبلة سيقودها النبي؛ لذلك كان هذا الاتفاق واللقاء سريا، تسللوا إليه تسلل القطا؛ لأن قريش كانت هي المستهدف الأول؛ لأن يثرب كانت تقع على عصب الطريق التجاري إلى الشام، وبعد الهجرة قطع المسلمون من يثرب هذا الطريق وحاصروا مكة اقتصاديا لتركيعها؛ لذلك أكد البراء أن أهل يثرب هم أهل الحرب والحلقة. لقد قبل الأنصار تولي مهمة حماية النبي وتأمينه عند هجرته إليهم. يستمر كعب بن مالك روايته فيقول: «فاعترض القول البراء، يكلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا ونحن قاطعوها - يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ثم قال: بل الدم الدم، الهدم الهدم، أنتم مني وأنا منكم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم.»
إنها بيعة اتفاق على الدم والهدم والحرب، وألا يتخلى الأنصار عن نبيهم، ويمنعونه كما يمنعون نساءهم وأطفالهم حتى يشتد أمره وتقوى شوكته، وعليه أيضا عندما يقوى شأنه ألا يرتد عنهم ويتخلى عنهم ويعود إلى بلده. هذه هي العقبة الثانية بتفاصيلها ليس فيها شيء عن دولة ولا انتخابات ولا تصويت ولا دستور ولا ديمقراطية ولا أي شيء مما يريد الدكتور زيدان أن يوهم به القارئ المسلم .
للرواية بقية، فيتابع ابن مالك: «وقال
صلى الله عليه وسلم
أخرجوا اثني عشر نقيبا؛ تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس. وقال ابن إسحق، فخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حرام، أن رسول الله قال للنقباء: أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء كفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي، قالوا: نعم.»
الرواية توضح أنه حتى ذلك الوقت وهذا الاتفاق، كان للأنصار أحياء؛ أي قبائل، ولها زعامات مستقلة سوف تتكفل بتنفيذ بنود هذا الاتفاق الدفاعي أو الهجومي المشترك، وأن هذه الزعامات كانت اثنتي عشرة؛ لأن مجتمعهم كان قبليا عشائريا وليس دولة ذات قيادة واحدة بنظام تراتبي إداري هرمي كما هو أبسط نظم الدول المجاورة، منذ ألوف السنين.
ناپیژندل شوی مخ