قال «أوبيكا» مؤكدا كلام صديقه: يوجد فعلا نوع من النبيذ أقوى من الآخر، لكن السكير الجيد يشرب أي نوع مهما كان قويا دون أن يلف رأسه. - هل سمعت عن شجرة النبيذ «أوكبوساليبو» التي في قريتي؟ أجاب «أوبيكا» و«أوفيدو»: لا. - من لم يسمع بهذه الشجرة، ولم يشرب من نبيذها، فهو يخدع نفسه إذا زعم أنه سكير.
قال آخر: صواب ما قاله «مادوكا». إن خمر هذه الشجرة لا يباع أبدا في السوق، ولا أحد يستطيع أن يشرب ثلاثة أقداح منه دون أن يضل طريقه إلى بيته. - هذه «الأكبوساليبو» شجيرة قديمة جدا، وقد تشاجر اثنان من الإخوة شجارا عنيفا ذات يوم وكأنهما غرباء، حين شربا قدحين من نبيذها، ومنذ ذلك اليوم أطلقوا عليها اسم مفرقة الأقارب.
قال «أوبيكا» وهو يملأ قدحه: احك لنا قصة أخرى، ربما قد أضافوا شيئا إلى ذلك النبيذ، أما إذا كان بدون إضافات فإنني أكرر بأن تحكي لنا قصة أخرى.
قال «مادوكا» متحديا: ليس من اللائق أن تتكلم كثيرا؛ فالشجرة ليست ببعيدة. إنها هنا في «أوموارو». دعنا نذهب إلى أرض «وكافو»، ونطلب منه أن يبيع لنا من هذه الشجرة .. أعرف بأن نبيذها باهظ الثمن، ولكنني سأدفع بشرط أن يشرب كل منكما ثلاثة أقداح. وإذا عرفتما بعد ذلك طريقكما إلى البيت فإنني سأخسر راضيا ما دفعته. أما إذا فقد كلاكما وعيه وأصبح مخمورا، فيجب أن تردوا لي ما دفعت عندما تفيقان.
لعبت الخمر برأسيهما، وناما حيث كانا جالسين، فرفعهما «مادوكا» في الليل، ثم ذهب لينام، لكنه عاد مرتين في الليل، فوجدهما ما زالا في نوم عميق، وعندما استيقظ في الصباح لم يجدهما .. تمنى لو شاهدهما وهما يرحلان، لكنهما على أية حال لن يتكلما مرة ثانية عن النبيذ.
كانت الشمس متلألئة حين استيقظ «أوفيدو»، الذي كان أحسن حالا من «أوبيكا». هرع إلى بيت «إيزولو» لاستدعاء «أوبيكا»، الذي استيقظ بصعوبة، بعد أن صب «أوفيدو» إناء من الماء البارد فوق وجهه.
أسرعا للحاق بمجموعتهم من أجل العمل في الطريق الجديد، وكانا مثل زوج من أقنعة الليل في وضح النهار.
كان «إيزولو» ممددا فوق الفراش، وكان مجهدا من احتفال الأمس، سمع أصواتا بالداخل نهض على إثرها، ثم سأل «وافو» عن سبب تلك الضوضاء، فأخبره أنهم كانوا يوقظون «أوبيكا» .. التزم «إيزولو» الصمت وصر أسنانه؛ فلقد كان «أوبيكا» دائما يمثل عبئا ثقيلا فوق رأس والده.
قال «إيزولو» لنفسه: يجب أن تأتي عروس «أوبيكا» الجديدة. إذا كانت أمها قد شفيت فلا بد أن تعود لترى ذلك الرجل الذي لا يستطيع رؤية قبعته في الليل، ذلك الرجل الغارق في الخمر حتى أذنيه .. أين الرجولة في مثل هذا الزوج السكير الذي لا يستطيع حماية زوجته إذا طرق اللص بابه في الليل .. الرجل الذي توقظه النساء في الصباح؟
بصق الكاهن العجوز ولم يستطع أن يتحمل مزيدا من القرف والنكد.
ناپیژندل شوی مخ