أومأ «واكا» برأسه مرة ثانية وأضاف: كل الأولاد في «أوموارو» يعرفون أن «إيزيديميلي» لا يبحث في أرض مكشوفة؛ ولهذا أيضا فإنني عندما أموت فلن يدفنوني في الأرض .. إن الأرض والسماء شيئان مختلفان .. ولكن كيف تم دفن كاهن «أولو» بنفس الطريقة؟ .. إن «أولو» لم يكن في نزاع مع الأرض، فحين صنعه آباؤنا لم يقولوا إن الكاهن الخاص به لا يجب أن يلمس الأرض، ولم يكن سوى «إيزولو» الأول الذي كان رجلا حسودا مثل «إيزولو» الحالي، وهو الذي طلب من شعبه أن يدفنوه مع القدامى، مما أصاب كاهن «إيديميلي» بالرهبة والفزع.
أومأ «واكا» برأسه مرة ثالثة في تعجب، وراح يضرب يدا بيد.
كان المكان الذي بنى المسيحيون فيه كنيستهم قريبا من أرض «إيزولو»، الذي كان جالسا في كوخه يفكر في الاحتفال بأوراق القرعة .. سمع أجراس الكنيسة وبدأ يفكر في ذلك الدين الجديد .. ساورته الشكوك ولم يكن يعرف فيما يفكر .. كان من الضروري حين مجيء الرجل الأبيض بكل قوته أن يتعلم بعض الناس أساليب دينه؛ ولذا فقد وافق على إرسال ابنه «أودوش» ليتعلم الدين الجديد .. أراد له أيضا أن يتعلم حكمة الرجل الأبيض التي عرفها عن «وينتابوتا»، والتي سمعها عن الآخرين من بني جنسه.
لكن «إيزولو» أصبح خائفا لكون الدين الجديد مثل الجذام .. صار يتحدث مع ابنه بقوة وعنف .. ابنه الذي كان يتغير يوما بعد يوم، وأصبح من العسير محاولة رده عن ذلك الدين .. ماذا يحدث لو تحققت نبوءة العرافين وسيطر الرجل الأبيض على الأرض والحكم؟
من الحكمة إذن أن يكون «أودوش» من بينهم.
هكذا كان يفكر «إيزولو» بينما جاء «أودوش» يرتدي قميصا أبيض ويحمل فوطة أعطوها له في المدرسة، وكان «وافو» بصحبته يتعجب من قميصه .. قدم «أودوش» التحية لأبيه ومضى؛ فقد كان اليوم هو صباح الأحد، وكانت الأجراس تواصل رنينها ذا النغمات الحزينة.
عاد «وافو» إلى الكوخ فسأل أباه عن معنى دقات الجرس.
هز «إيزولو» رأسه قائلا: تعني أن تترك اليام وجوزة اليام لتذهب إلى الكنيسة .. ذلك ما أخبرني به «أودوش».
استطرد «إيزولو» بعد تفكير واهتمام كبير: ذلك يعني أن يترك الناس اليام وجوزة اليام لينشدوا بعد ذلك أغنية الفناء، أليس كذلك؟
توقفوا عن الحديث إثر صياح واضطراب داخل البيت .. هرع «وافو» لرؤية ما يحدث بينما الأصوات قد زادت حدتها وصياحها، وانتبه «إيزولو» الذي لم يكن يهتم بصياح النساء .. عاد «وافو» سريعا وقال بأنفاس متقطعة: إن صندوق «أودوش» يتحرك!
ناپیژندل شوی مخ