Sahih al-Targhib wal-Tarhib
صحيح الترغيب والترهيب
خپرندوی
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
نقلوه عن ابن الأثير كان يغنيهم أن يقعوا في هذا الجهل، أو العجمة على الأقل، ولكن صدق من قال: وكل إناء بما فيه ينضح.
ومثله وأسوأ منه تفسيرهم (اللَّمَمَ) في حديث المرأة التي كان بها طرف من جنون، وطلبت منه ﷺ أن يدعو لها، وخيرها ﷺ بين أن يدعو لها فتشفى، وبين أن تصبر، ولا حساب عليها. فقالت: أصبر ولا حساب عليَّ. (^١)
فقال المعلقون الثلاثة الجهلة (٤/ ١٨٣):
" (لَمَمٌ): مقاربة المعصية، ويعبر بها عن الصغيرة .. ".
فتأمل أيها القارئ الكريم كيف فسروا هذه اللفظة من الحديث بمعناها المذكور في تفسيرها في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾، فخلطوا خلطًا قبيحًا جدًا؛ فإن هذا المعنى لا يناسب الحديث مطلقًا كما هو ظاهر بأدنى تأمل، لأن معناه حينئذ أن المرأة جاءت تشكو ارتكابها المعصية، وأن النبي ﷺ خيّرها بين البقاء عليها، وبين أن يدعو لها ولا حساب عليها .. !
وهذا من أبطل الباطل، ﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾؟!
وإذا كان هذا حالهم في الفقه واللغة، فهم في الحديث أجهل، بل هو الداء العضال، لأنه جهل مركب، إذا حسنا الظن بهم، وإلا فيكونون قد تكلموا بغير علم وهم يعلمون! فيشملهم وعيد قوله ﷺ في الحديث المتفق عليه:
"إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم،
_________
(^١) سيأتي في (٢٥ - الجنائز / ٣/ الحديث ٢٦) من الجزء الثالث من هذا "الصحيح".
1 / 20