العباس نظر إِلى أبي طالب فرآه يحرك شفتيه فأصغى إِليه، فقال: (يا ابن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها) (١).
وكان أبو طالب شقيق عبد الله والد رسول الله ﷺ، ولذلك أوصى به عبد المطلب عند موته فكفله إِلى أن كبُر، وكان يذبُّ عن النبيّ ﷺ ويردُّ عنه كل من يؤذيه، وهو مقيم على دين قومه، وأخباره في حياطة النبي والذب عنه معروفة مشهورة، وممّا اشتهر من شعره في ذلك قوله:
والله لن يصلوا إِليك بجمعهم ... حتى أوسّدَ في التراب دفينا (٢)
وقوله:
كذبتم وبيتِ اللهِ نُبْزى محمدًا ... ولمَّا نقاتل حولَه ونناضلُ (٣)
ولم تكن قريش تنال من النبيّ ﷺ ما تريد حتى مات أبو طالب (٤).
موت خديجة بنت خويلد زوج النبيّ ﷺ:
وماتت بعد أبي طالب، خديجة ﵂ التي كانت وزير صدق على الإِسلام، وكان ﷺ يسكن إِليها، وهي أول من أسلم.
وتوفيت ﵂ بمكة، ودفنت بالحجون، وعاشت خمسًا وستين سنة، قضت منها أربعًا وعشرين سنة مع النبيّ ﷺ (٥).
قالت عائشة ﵂: (ما غِرتُ على امرأة ما غرت على خديجة، ممّا كنتُ أسمع من ذكر رسول الله ﷺ لها، وما تزوّجني إِلا بعد موتها بثلاث سنين (٦).
(١) انظر: فتح الباري ٧/ ١٩٤.
(٢) ابن كثير، السيرة النبوية ١/ ٤٦٤.
(٣) المصدر نفسه ١/ ٤٨٨ ومعنى: نبزى: نُسلب ونُغلب
(٤) السيرة النبوية للذهبي ١/ ١٩٣.
(٥) المصدر نفسه.
(٦) أخرجه البخاري في المناقب، باب توزيج النبيّ ﷺ خديجة ح (٣٨١٧)، ومسلم في فضائل الصحابة ح (٢٤٣٥).