وقوله جلّ ثناؤه ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ ١ فقال قتادة: هو أن تقول للرجل: يَا فاسق يَا منافق.
وروى الشَّعبِيّ عن أبي جُبَيْرة بن الضحاك وأبو جبيرة رجل من الأنصار من بني سلمة قال: فينا أنزلت هَذِهِ الآية، وذلك أن رسول الله ﷺ قَدِم علينا، وَلَيْسَ منا رَجُلٌ إِلاَّ لَهُ لقبان أَوْ ثلاثة، فجعل بعضنا يدعو بعضًا بلقبه، فسمع ذَلِكَ رسول الله ﷺ فجعل هو أحيانًا يدعو الرجل ببعض تِلْكَ الألقاب، فقيل لَهُ" يَا رسول الله إنه يغضب من هذا، فأنزل الله جلّ ثناؤه ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ .
وأما تسمية العرب أولادها بكلب وقرد ونمر وأسد فذهب علماؤنا إِلَى أن العرب كَانَتْ إِذَا ولد لأحدهم ابن ذكر سمّاه بما يراه أَوْ يسمعه مما يُتَفَأَّلُ به، فإن رأى حَجَرًا أَوْ سمعه تأوّل فِيهِ الشدة والصلابة والبقاء والصبر. وإن رأى ذئبًا تأوّل فِيهِ الفطنة والنُّكر والكسب. وإن رأى حمارًا تأوّل فِيهِ طول العُمر والوقاحة. وإن رأى كلبًا تأوّل فِيهِ الحراسة وبُعدَ الصوت والإِلْفَ. وَعَلَى هَذَا يكون جميع مَا لَمْ نذكره من هذه الأسماء.
_________
١ سورة الحجرات، الآية: ١١.
باب الأسماء التي تسمى بِهَا الأشخاص عَلَى المُجاوَرَة والسَّبب: قال علماؤنا: العرب تسمّي الشيءَ باسم الشيءِ إِذَا كَانَ مجاورًا لَهُ أَوْ كَانَ منه بسبب. وذلك قولهم "التيمُّم" لَمَسْح الوجه من الصعيد١، وإنما التيمّم الطلب والقصد. يقال: تيمّمتك وتأممتك أي تعمّدتك. ومن ذَلِكَ تسميتهم السحاب "سماءً" والمطر "سماء" وتجاوزوا ذلك إِلَى أن سموا النبتَ سماءً. قال شاعرهم٢: إِذَا نَزَل السماءُ بأرض قوم _________ ١ الصعيد: التراب، أو وجه الأرض. ٢ لسان العرب مادة "سما" ونسبه إلى معود الحكماء معاوية بن مالك وهو جاهلي من الأزد. وفي تاج العروس مادة "سما" للفرزدق، وفي المقاييس، مادة "سمو" دون عزو. وعجزه: رعيناه وإن كانوا غضابا
باب الأسماء التي تسمى بِهَا الأشخاص عَلَى المُجاوَرَة والسَّبب: قال علماؤنا: العرب تسمّي الشيءَ باسم الشيءِ إِذَا كَانَ مجاورًا لَهُ أَوْ كَانَ منه بسبب. وذلك قولهم "التيمُّم" لَمَسْح الوجه من الصعيد١، وإنما التيمّم الطلب والقصد. يقال: تيمّمتك وتأممتك أي تعمّدتك. ومن ذَلِكَ تسميتهم السحاب "سماءً" والمطر "سماء" وتجاوزوا ذلك إِلَى أن سموا النبتَ سماءً. قال شاعرهم٢: إِذَا نَزَل السماءُ بأرض قوم _________ ١ الصعيد: التراب، أو وجه الأرض. ٢ لسان العرب مادة "سما" ونسبه إلى معود الحكماء معاوية بن مالك وهو جاهلي من الأزد. وفي تاج العروس مادة "سما" للفرزدق، وفي المقاييس، مادة "سمو" دون عزو. وعجزه: رعيناه وإن كانوا غضابا
1 / 57