83

صفوة التفاسير

صفوة التفاسير

خپرندوی

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

سماع الحق، بكم أي خرسٌ عن النطق به عميٌ عن رؤيته فهم لا يفقهون ما يقال لهم لأنهم أصبحوا كالدواب فهم في ضلالهم يتخبطون. وخلاصة المثل - والله أعلم - مثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من سماع الصوت دون أن تفهم المعنى وهو خلاصة قول ابن عباس ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ خاطب المؤمنين لأنهم الذين ينتفعون بالتوجيهات الربانية والمعنى كلوا يا أيها المؤمنون من المستلذات وما طاب من الرزق الحلال الذي رزقكم الله إِياه ﴿واشكروا للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ أي واشكروا الله على نعمه التي لا تحصى إِن كنتم تخصونه بالعبادة ولا تعبدون أحدًا سواه ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمَ الخنزير﴾ أي ما حرّم عليكم إلا الخبائث كالميتة والدم ولحم الخنزير ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله﴾ أي وما ذبح للأصنام فذكر عليه اسم غير الله كقولهم باسم اللات والعزّى ﴿فَمَنِ اضطر غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ﴾ أي فمن ألجأته ضرورة إلى أكل شيء من المحرمات بشرط ألا يكون ساعيًا في فساد، ولا متجاوزًا مقدار الحاجة ﴿فلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ أي فلا عقوبة عليه في الأكل ﴿إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي يغفر الذنوب ويرحم العباد ومن رحمته أن أباح المحرمات وقت الضرورة ﴿إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب﴾ أي يخفون صفة النبي ﵇ المذكورة في التوراة وهم اليهود قال ابن عباس: نزلت في رؤساء اليهود حين كتموا نعت النبي ﷺ َ ﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أي يأخذون بدله عوضًا حقيرًا من حطام الدنيا ﴿أولئك مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النار﴾ أي إِنما يأكلون نارًا تأجّج في بطونهم يوم القيامة لأن أكل ذلك المال الحرام يفضي بهم إِلى النار ﴿وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ القيامة﴾ أي لا يكلمهم كلام رضىً كما يكلم المؤمنين بل يكلمهم كلام غضب كقوله ﴿اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] ﴿وَلاَ يُزَكِّيهِمْ﴾ أي يطهرهم من دنس الذنوب ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي عذاب مؤلم وهو عذاب جهنم ﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى﴾ أي أخذوا الضلالة بدل الهدى والكفر بدل الإِيمان ﴿والعذاب بالمغفرة﴾ أي واستبدلوا الجحيم بالجنة ﴿فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النار﴾ أي ما أشدَّ صبرهم على نار جهنم؟ وهو تعجيب للمؤمنين من جراءة أولئك الكفار على اقتراف أنواع المعاصي ثم قال تعالى مبينًا سبب النكال والعذاب ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الله نَزَّلَ الكتاب بالحق﴾ أي ذلك العذاب الأليم بسبب أن الله أنزل كتابه ﴿التوراة﴾ [آل عمران: ٣] ببيان الحق فكتموا وحرّفوا ما فيه ﴿وَإِنَّ الذين اختلفوا فِي الكتاب﴾ أي اختلفوا في تأويله وتحريفه ﴿لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ أي في خلاف بعيد عن الحق والصواب، مستوجب لأشدّ العذاب. سَبَبُ النّزول: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود: كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيي بن أخطب كانوا يأخذون من أتباعهم الهدايا، فلما بعث محمد ﵇ خافوا انقطاع تلك المنافع فكتموا أمر محمد وأمر شرائعه فنزلت ﴿إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب﴾ الآية. البَلاَغَة: ١ - ﴿خُطُوَاتِ الشيطان﴾ استعارة عن الاقتداء به واتباع آثاره قال في تلخيص البيان: وهي أبلغ عبارة عن التحذير من طاعته فيما يأمر به وقبول قوله فيما يدعو إِلى فعله.

1 / 102