36

صفوة التفاسير

صفوة التفاسير

خپرندوی

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

أي من آمن من هذه الطوائف إِيمانًا صادقًا فصدَّق بالله، وأيقن بالآخرة ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ أي عمل بطاعة الله في دار الدنيا ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ أي لهم ثوابهم عند الله لا يضيع منه مثقال ذرة ﴿وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أي ليس على هؤلاء المؤمنين خوف في الآخرة، حين يخاف الكفار من العقاب، ويحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب. البَلاَغَة: أولًا: في إِضافة الرزق إِلى الله تعالى ﴿كُلُواْ واشربوا مِن رِّزْقِ الله﴾ تعظيمٌ للمنَّة والإِنعام وإِيماء إِلى أنه رزقٌ من غير تعب ولا مشقة. ثانيًا: في التصريح بذكر الأرض ﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض﴾ مبالغةٌ في تقبيح الفساد وقوله ﴿مُفْسِدِينَ﴾ حالٌ مؤكدة ووجه فصاحة هذا الأسلوب أن المتكلم قد تشتد عنايته بأن يجعل الأمر أو النهي لا يحوم حوله لبسٌ أو شك، ومن مظاهر هذه العناية التوكيد فقوله ﴿مُفْسِدِينَ﴾ يكسو النهي عن الفساد قوة، ويجعله بعيدًا من أن يُغفل عنه أن يُنسى. ثالثًا: قوله تعالى ﴿مِمَّا تُنْبِتُ الأرض﴾ المنبت الحقيقي هو الله سبحانه ففيه جاز يسم (المجاز العقلي) وعلاقته السببية لأن الأرض لما كانت سببًا للنبات أُسند إِليها. رابعًا: قوله ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة والمسكنة﴾ كناية عن إحاطتهما بهم كما تحيط القبَّة بمن ضربت عليه كما قال الشاعر: إِن السماحة والمروءة والندى ... في قبَّة ضربت على ابن الحشرج خامسًا: تقييد قتل الأنبياء بقوله ﴿بِغَيْرِ الحق﴾ مع أن قتلهم لا يكون بحق البتَّة إِنما هو لزيادة التشنيع بقبح عدوانه. الفوَائِد: الأولى: حكى المفسرون أقوالًا كثيرة في الحجر الذي ضربه موسى فجرت منه العيون ما هو؟ وكيف وصفه؟ وقد ضربنا صفحًا عن هذا الأقوال والذي يكفي في فهم معنى الآية أن واقعة انفجار الماء إِنما كان على وجه «المعجزة» وأن الحجر الذي ضربه موسى كان من الصخر الأصم الذي ليس من شأنه الانفجار بالماء، وهنا تكون المعجزة أوضح، والبرهان أسطع قال الحسن البصري: لم يأمره أن يضرب حجرًا بعينه قال: وهذا أظهر في الحجة وأبين في القدرة. الثانية: فإِن قيل ما الحكمة في جعل الماء اثنتي عشرة عينًا؟ والجواب: أن قوم موسى كانوا كثيرين وكانوا في الصحراء، والناس إِذا اشتدت بهم الحاجة إِلى الماء ثم وجدوه فإنه يقع بينهم تشاجر وتنازع، فأكمل الله هذه النعمة بأن عيّن لكل سبط منهم ماءً معينًا على عددهم لأنهم كانوا اثني عشر سبطًا، وهم ذرية أبناء يعقوب الاثني عشر والله أعلم. الثالثة: ذهب بعض المفسرين إِلى أن المراد بالفوم في قوله ﴿وَفُومِهَا﴾ الحنطة والأرجح أن المراد به الثوم بدليل قراءة ابن مسعود ﴿وثومها﴾ وبدليل اقتران البصل بعده قال الفخر الرازي:

1 / 55