صفوة التفاسير
صفوة التفاسير
خپرندوی
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
وهم الأطهار الأبرار لا اليهود الأشرار ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ أي لا ينقصون من أعمالهم بقدر الفتيل وهو الخليط الذي في شق النواة وهو مثلٌ للقلة كقوله ﴿إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] ﴿انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ هذا تعجيب من افترائهم وكذبهم أي انظر يا محمد كيف اختلقوا على الله الكذب في تزكيتهم أنفسهم وادعائهم أنهم أبناء الله وأحباؤه ﴿وكفى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا﴾ أي كفى بهذا الافتراء وزرًا بينًا وجرمًا عظيمًا ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الكتاب يُؤْمِنُونَ بالجبت والطاغوت﴾ الاستفهام للتعجيب والمراد بهم أيضًا اليهود أُعطوا حظًا من التوراة وهم مع ذلك يؤمنون بالأوثان والأصنام وكلّ ما عبد من دون الرحمن ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هؤلاء أهدى مِنَ الذين آمَنُواْ سَبِيلًا﴾ أي يقول اليهود لكفار قريش أنتم أهدى سبيلًا من محمد وأصحابه قال ابن كثير: يفضّلون الكفار على المسلمين بجهلهم وقلة دينهم وكفرهم بكتاب الله الذي بأيديهم قال تعالى إِخبارًا عن ضلالهم ﴿أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله﴾ أي طردهم وأبعدهم عن رحمته ﴿وَمَن يَلْعَنِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ أي من يطرده من رحمته فمن ينصره من عذاب الله؟ ويمنع عنه آثار اللعنة وهو العذاب العظيم ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الملك﴾ أي أم لهم حظٌ من الملك؟ وهذا على وجه الإِنكار يعني ليس لهم من الملك شيء ﴿فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيرًا﴾ أي لو كان لهم نصيب من الملك فإِذا لا يؤتون أحدًا مقدار نقير لفرط بخلهم، والنقير مثلٌ في القلة كالفتيل والقطمير وهو النكتة في ظهر النواة، ثم انتقل إلى خصلة ذميمة أشد من البخل فقال ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ﴾ قال ابن عباس: حسدوا النبي ﷺ َ على النبوة وحسدوا أصحابه على الإِيمان والمعنى: بل أيحسدون النبي ﷺ َ والمؤمنين على النبوة التي فضل الله بها محمدًا وشرّف بها العرب ويحسدون المؤمنين على ازدياد العز والتمكين؟ ﴿فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الكتاب والحكمة وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكًا عَظِيمًا﴾ أي فقد أعطينا أسلافكم من ذرية إِبراهيم النبوة وأنزلنا عليهم الكتب وأعطيناهم الملك العظيم مع النبوة كداود وسليمان فلأي شيء تخصون محمدًا ﷺ َ بالحسد دون غيره ممن أنعم الله عليهم؟ والمقصود الرد على اليهود في حسدهم للنبي ﷺ َ وإِلزام لهم بما عرفوه من فضل الله على آل إِبراهيم ﴿فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ﴾ أي من اليهود من آمن بمحمد ﷺ َ وهم قلة قليلة ومنهم من أعرض فلم يؤمن وهم الكثرة كقوله ﴿فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾
[الحديد: ٢٦] ﴿وكفى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ أي كفى بالنار المسعّرة عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم. . ثم أخبر تعالى بما أعده للكفرة الفجرة من الوعيد والعذاب الشديد فقال ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ أي سوف ندخلهم نارًا عظيمة هائلة تشوي الوجوه والجلود ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب﴾ أي كلما انشوت جلودهم واحترقت احتراقًا تامًا بدلناهم جلودًا غيرها ليدوم لهم ألم العذاب، قال الحسن: تُنْضجهم النار في اليوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فعادوا كما كانوا وقال الربيع: جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وبطنُه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإِذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودًا غيرها في الحديث «يعظم أهل النار في النار حت إِن بين شحمة أذن أحدهم إِلى عاتقه مسيرة
1 / 258