صفوة الاختيار په اصول الفقه کې
صفوة الاختيار في أصول الفقه
ژانرونه
ولأنهم لما افترقوا لم يختلفوا في أن الكذب لا يجوز، بل المعلوم من حالهم التشديد على من فعل ما يعتقدون قبحه، أو كذب في شيء من كلامه، (من ذلك ما يروى أن الخوارج لما نادت قطري بن الفجاءة المازني من خلفه يا دابة يا دابة فالتفت إليهم وقال: كفرتم فقالوا: بل كفرت لكذبك علينا وتكفيرك إيانا، وما قلنا لك إلا ما قال الله تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } [هود:6]، ثم قالوا له: تب من تكفيرك إيانا، فقال لعبيدة بن هلال: ما ترى؟
قال: إن أقررت بالكفر لم يقبلوا توبتك، ولكن قل إنما استفهمتكم، فقلت: أكفرتم؟ فقالوا: لا ما كفرنا، ثم انصرفوا)، فإذا كان الأمر كما ترى كان قول من يقول من كذب كفر، روايته أولى من رواية من يقول من كذب فسق؛ لأن الإنسان قد يتجاسر على الفسق ولا يتجاسر على الكفر.
وقول من يقول إن من عرف بالكذب في المعاملات لا يقبل خبره، فكيف يقبل خبر من يعرف بالكذب على أكابر الصحابة، وسادات المسلمين من المهاجرين والأنصار وانتقاصهم لا بفسق؟ لأن المعلوم من حالهم أنهم لا يكذبون على أفاضل الصحابة في الرواية عنهم، وإنما يكذبون عليهم في الإعتقاد فيهم، وذلك خارج عن باب الأخبار، وكانوا لا ينقصون إلا من يعتقدون الصواب في انتقاصه ومحاربته.
فأما من علم من حاله استجازة الكذب على آحاد الناس فيما يرويه عنهم فضلا عن فضلاء الصحابة لم يقبل خبره كما قلنا في الخطابية ومن شاكلهم.
وأما منعنا من قبول خبر الفاسق من جهة التصريح: فلأنا نعلم منه التجاسر على الكذب والإقدام على القبيح، فلا تسكن النفس إلى صدقه فيما يرويه عنهم ولا يغلب على الظن صحة ما يقوله، وليس كذلك الفاسق من جهة التأويل؛ لأنه لا يقدم على ما يعلم كونه قبيحا، فصح ما قلناه.
مخ ۱۸۵