صفوة العصر په تاریخ او ورسوم مشهور رجال مصر کې

زکی فهمی d. 1350 AH
147

صفوة العصر په تاریخ او ورسوم مشهور رجال مصر کې

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

ژانرونه

وقد أقامت سموها بالعاصمة في سراي معالي صاحب الترجمة أسبوعا زارت في خلاله قصر عابدين، ودار فخامة المندوب السامي البريطاني، حيث أدب لها مأدبة فخمة ثم طافت بالكنائس القبطية الأثرية والمعاهد العلمية، كالمدرسة الكبرى البطريركية والمشغل البطرسي، ومدرسة البنات التابعة لجمعية التوفيق، كما أنها زارت البطريركية الأرمنية وكنيستها، وسافرت إلى الأقصر في قطار خاص أعدته الحكومة المصرية خصيصى لسموها، حيث شاهدت آثار وادي الملوك، والآثار التي اكتشفت من قبر توت عنخ أمون، وكانت في كل هذه الزيارات موضعا للحفاوة والإكرام.

وفي يوم الأحد التالي «22 أبريل سنة 1923» حضرت سموها صلاة القداس بكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وتناولت الأسرار المقدسة من يد نيافة الحبر الجليل الأنبا متأوس مطران المملكة الحبشية، والذين رأوها في الكنيسة الكبرى، وفي كنيسة المعلقة واقفة بكل ورع وخشوع من أول صلاة القداس إلى نهايتها، يتمنون أن جميع الناس يقتدون بها في احترام بيوت العبادة، وفي تقديس أوقات الصلاة. وفي عصر ذلك النهار جاءت الأميرة إلى الدار البطريركية؛ لكي تودع قداسة الحبر الأعظم، فاقتربت من قداسته حاسرة الرأس وركعت عند قدميه بكل أدب واحترام، وكذلك فعل كل رجال حاشيتها فباركهم غبطته، ودعا لهم ولبلادهم بالخير والنجاح، وكلف سموها تبليغ تحياته، ودعواته لجلالة الإمبراطورة ولسمو ولي العهد، ولجميع رجال الحكومة الحبشية وسائر الشعب الحبشي.

مأدبة الكونتننتال

وفي مساء الأحد المشار إليه أقامت سمو الأميرة مأدبة في فندق الكونتننتال لعدد من أكابر الأقباط وعقائلهم؛ لكي تعرب لهم عن شكرها على احتفالهم بها، وكان في مقدمة الذين لبوا دعوتها لحضور هذه المأدبة صاحب النيافة الأنبا متاؤس مطران المملكة الحبشية، والأنبا يوساب مطران كرسي الفيوم، وجناب الأب المحترم القمص بطرس عبد الملك رئيس الكنيسة الكبرى، وأصحاب المعالي يوسف سليمان باشا مضيفها الكريم صاحب هذه الترجمة، والسيدة الجليلة كريمة قرينة حضرة صاحب العزة المفضال كامل بك إبراهيم المستشار بمحكمة مصر الأهلي، وفوزي باشا المطيعي وزير الزراعة والسيدة عقيلته، ونجيب غالي باشا والسيدة عقيلته، وغيرهم من كبار وأعيان الأمة القبطية، ولما انتظم عقد المدعوين دخلوا قاعة المائدة التي كانت مزينة أبدع زينة، وفي صدرها العلم الحبشي بين علمين مصريين، وبعد تناول العشاء وقف معالي فوزي باشا، فألقى كلمة شكر فيها سمو الأميرة لهذه الزيارة المباركة، التي كان من طلائع يمنها على مصر أن دستور الاستقلال أعلن في خلالها، وأشار إلى الحبشة ومحافظتها على استقلالها منذ فجر التاريخ، وتمنى لها مزيد التقدم والنجاح، وبعدما دعا لجلالة ملك مصر الدستوري طلب لسمو الأميرة سفرا سعيدا وعمرا مديدا.

خطبة معالي صاحب الترجمة

ومن ثم وقف حضرة صاحب المعالي الجليل صاحب الترجمة، فألقى بين يدي سموها خطبة شيقة حازت قبولا واستحسانا لديها، وإننا نثبتها هنا ضمن ترجمة معاليه؛ ليقف القراء على مكانته السامية في عالم الخطابة والتاريخ.

تعلمون حضراتكم أن تاريخ بلاد الأحباش قديم جدا ومجيد، واشتهر ملوكهم منذ القدم بالتدين وحب الحكمة وطلبها أينما وجدت، فقد جاء في التوراة أن ملكة سبأ «الحبشة» لما سمعت عن حكمة سليمان الملك ابن داود ملك إسرائيل، جاءت من أقصى بلادها رغما عن صعوبة الأسفار في هاتيك الأيام، وتحملت مشاق الأتعاب لتسمع وتتحقق بنفسها حكمة سليمان، وقد امتحنته بمسائل عديدة وطوبته وطوبت رجال حاشيته، وقد مدحها السيد المسيح على عملها هذا في الإنجيل المقدس، ويدلنا التاريخ أن الأجانب اعتنقوا الديانة المسيحية منذ الجيل الرابع على يد فرومنيوس، الذي رسمه القديس أيناسويس الرسولي أسقفا عليها، وسماه الأنبا سلامه ومن ذلك العهد حتى الآن ومبادئ المسيحية حية نامية في تلك البلاد، حتى اشتهر شعبها بشدة تمسكه بالدين، واشتهر ملوكها وأمراؤها بهذه المزية المحبوبة، وهي شدة التقوى والمحافظة على مبادئ الدين، فهم مثال في التقى والفضيلة والعبادة، ومن أخص المزايا التي يمدحون عليها استمساكهم الوثيق بعرى المبادئ الأرثوذكسية، فبينما ترى كثرة المذاهب المسيحية وانتشارها في جميع الممالك، وترى العالم المسيحي متفرقا إلى مذاهب عديدة، وشيع كثيرة تجد الأحباش لا يزالون على عهدهم الأول، ولا تجد بينهم من يميل إلى تغيير عقيدته أو التحول عنها بأية حال من الحالات، وليس تمسك الأحباش بعقائدهم ومبادئ دينهم بالقول فقط، بل إنهم متدينون بالفعل تدينا حقيقيا، فلهم إيمان وثيق حي ويحافظون على إتمام فروضهم، وواجباتهم الدينية بكل حرارة لا فرق في ذلك بين الأمراء وعامة الشعب، ولقد سمعنا كثيرأ عن تدين وتقوى جلالة الإمبراطورة زودينو ملكة ملوك الحبشة، وورع ولي عهدها الرأس طفري، وهو ذا أمامنا ومعنا المثال العالي على ذلك حضرة صاحبة السموالإمبراطوري الأميرة منن فان سموها، والحق يقال: خير مثال للفضيلة والكمالات المسيحية والورع والعبادة ، كما شاهدنا ذلك في سموها، وكم أنا سعيد عندما أعرب عن سروري واغتباطي بالحظوة الشريفة، التي نلتها بتنازل سموها وقبولها بتشريف داري، وإني أعلن بمزيد السرور أنها أعظم حظوى نلتها في حياتي، فلقد كسبت فوق الشرف الذي شرفتني به بتنازلها هذا أن أضحت أعظم قدوة، وأفضل مثال نحتذيه من تقوى الأمراء، وسيبقى هذا المثال حيا أمامي وأمام أولادي وأحفادي يذكرونه جيلا بعد جيل، ويقتبسون منه أثمن الفضائل والأخلاق العالية.

ولقد سمعت كثيرا من سموها حسن تقديرها، ومحبتها للعلاقة الثابتة التي تربط الأحباش بالأقباط، ولا شك أن جميع الأحباش يذكرون ذلك، ويقدرون هذه العلاقة الروحية المتينة حق قدرها.

ولا يفوتني في هذه الفرصة أن أنصح لسيداتنا وبناتنا أن يتخذن هذه الأميرة الجليلة الفاضلة خير قدوة لهن في التربية المسيحية، والحشمة، والورع والفضائل، وتربية الأولاد على المبادئ المقدسة، ويتبعون خطواتها لخير العائلة القبطية.

واختتم معاليه خطبته هذه بأن قال:

ناپیژندل شوی مخ