صفوة العصر په تاریخ او ورسوم مشهور رجال مصر کې
صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر
ژانرونه
ولا شك أن هذه العاطفة السامية والحنان الأبوي الصادران من جلالة مليك البلاد لأكبر دليل على ما لحضرة صاحب الدولة الزعيم الجليل من المنزلة العالية لدى جلالته.
هذا ولما تقرر سفر الرئيس الجليل على الباخرة لوتوس كان في انتظاره إلى دار الترسخانة جمهور عظيم، وكانت تحف به كوكبة من جنود البوليس الراكبة يبلغ عددها 40 راكبا، فلما مر أخذ الجمهور يصفق له ويهتف حتى وصل، وقد أعدت لجنة الوفد سرادقا كبيرا لاستقبال المدعوين، ومكانا آخر لدولته وصحبه وزملائه، فدعي الرئيس إلى الجلوس في ذلك المكان وجلس المدعوون في السرادق المقابل له، وأخذ الخطباء يلقون خطبهم والشعراء قصائدهم مما سر قلب الرئيس الجليل، وفي منتصف الساعة الثانية عشرة خرج دولته من الكشك رافعا يده اليمنى إلى عنقه بمنديل من حرير أبيض، كما خرج معه جميع زملائه فسار الزورق يقلهم بين الهتاف والتصفيق، وركب محافظ المدينة ومن كان معه من كبار الموظفين.
وقد أوفد حضرة صاحب الجلالة الملك كبير أمنائه إلى الباخرة لوتوس، فودع دولته بالنيابة عن جلالته كما أن حضرة صاحبة الجلالة الملكة أوفدت إحدى وصيفاتها لتوديع حرم الرئيس الجليل، وقدمت إليها باسم جلالتها باقتين كبيرتين من مختلف الورد والأزهار. وقد أبحر مع حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل والسيدة الجليلة حرمه المصون على نفس هذه الباخرة لمرافقتهما في مدة إقامتهما في أوربا؛ حضرات أصحاب المعالي واصف غالي باشا وزير الخارجية وقتئذ والسيدة قرينته، والدكتور حسن كامل بك كبير أطباء بندر طنطا وعضو مجلس النواب عنها، وأحمد حمدي سيف النصر بك، والأستاذ حامد جودة المحامي، وعبد الرحمن عزام بك، والأستاذ حبيب فهمي المحامي، والأستاذ كامل سليم. وأوفدت وزارة الداخلية مع دولته إلى أوربا ثلاثة ضباط، وهم حضرات القائمقام عبد الله بك فريد واليوزباشي علي البرعي أفندي، والملازم الأول علي حمدي أفندي، هذا وقد اتخذت الحكومة الفرنسية تدابير مشددة للمحافظة على الرئيس مدة إقامته في فرنسا.
وقد وصلت الباخرة المقيلة لحضرة صاحب الدولة، ومن معه إلى مرسيليا بعد ظهر يوم 29 يوليو سنة 1924 ونزل دولته إلى المدينة في الساعة الخامسة، ثم سافر منها في الساعة السادسة إلى باريس، وقد استقبله في مرسيليا معالي محمود فخري باشا وزير مصر المفوض في باريس مصحوبا بموظفي المفوضية، وسمو الأمير عزيز حسن والنواب والشيوخ المصريون، الذين كانوا في أوربا وقتذاك. وفي الساعة الخامسة بعد ظهر اليوم المذكور ركب دولته سيارة إلى محطة «سان شارل»، حيث أعد لدولته صالون ألحق بالقطار السريع المسافر إلى باريس، وفي الساعة 6 والدقيقة 10 أي: عند سفر القطار؛ تقدم المسيو مارني فودع دولته باسم الحكومة، فرد دولته له الزيارة قبل مغادرته وقد أنكر دولة الرئيس على الصحفيين أنه قادم في رحلة سياسية وقال: إنه قصد فرنسا لأسباب صحية فقط . وقد وصل دولته ومن معه إلى باريس في منتصف الساعة 8، ومكث بباريس يستنشق شذى هواها العطر متنقلا بين رياضها، والمواصلات بينه وبين وزراء حكومته متصلة، وقد حدث أن صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول أصيب حفظه الله بألم بسيط ألزمه الفراش، فلما أراد دولة سعد باشا الاستفسار عن صحة جلالته، ورد عليه الجواب الآتي وذلك قبل مغادرته باريس إلى لندن:
عزيزي سعد
أشكركم لما أبديتموه من الاهتمام نحوي إزاء الانحراف الخفيف، الذي ألم بصحتي وسأشفى منه شفاء تاما بإذن الله عما قريب. وإني أوجه إليكم تحياتي الودية الخالصة وأتمنى لكم صحة تامة دائمة، وكنتم قد قررتم السفر إلى عاصمة إنجلترا، فإني أسأل الله تعالى أن ينير لكم السبيل ويمدكم بالمعونة في المساعي والمجهودات التي تبذلونها لمصلحة وطننا العزيز وخيره، وإن أفكاري لتتجه بمزيد الاهتمام والعناية إلى مساعيكم وأعمالكم لتحقيق أمانينا الحيوية العظيمة.
سفر الرئيس الجليل إلى لندن وحبوط المباحثات
وقد برح دولته باريس ووصل إلى لندن في يوم 23 سبتمبر سنة 1925، فقوبل من الطلبة المصريين بمحطتها بالهتاف الشديد، وعندما نزل دولته من القطار حياه السر رونالد دوتر هاوس سكرتير مستر ماكدونلد باسم رئيس الوزارة، وقد أفضى دولته بتصريح خاص لمندوب جريدة الأهرام حيث قال:
لا أستطيع الآن أن أقول سوى أنني مسرور لاغتنام هذه الفرصة لمقابلة صديقي مستر ماكدونلد، وسأكون من أسعد الناس إذا خولتني المحادثات أن أعود سريعا إلى مصر بعد أن أبدد من الجو غيوم سوء التفاهم، وأمهد السبيل للمفاوضات، فيتصرف بمقتضى حسن العدالة الذي يتصف به العنصر البريطاني، وإن الحكومة البريطانية نفسها لا تقف بعد الآن في سبيل ذلك الاتفاق، الذي لا بد منه لتأسيس تلك العلاقات الطيبة التي يحتاج إليها البلدان كل الاحتياج.
وفي يوم 25 سبتمبر سنة 1924 الساعة 10 ونصف صباحا، وصل دولة الرئيس إلى منزل رئيس الوزارة البريطانية في «دوننج ستريت»، فاستقبله على عتبة الباب مستر بلي، وإلى جانبه مس روز نبرغ السكرتيرة الشخصية الخاصة لمستر ماكدونلد، وذهب لمقابلة مستر ماكدونلد، ودام في محادثته إلى ما بعد الظهر ، وكانت هذه المحادثة الأولية قاصرة على وضع تمهيدات يقصد منها إيضاح موقف الحكومة البريطانية، وموقف الحكومة المصرية في شأن ما نشأ من سوء التفاهم المختلف بين وقت وآخر، منذ أرسلت الدعوة الأولى إلى زغلول باشا في شهر أبريل سنة 1924، وبعد عدة مقابلات بين الرئيس ومباحثات شديدة انجلت بانسحاب دولة الزعيم الأكبر مرفوع الرأس، وافر الكرامة، محتفظا بكرامة بلاده، وذلك بعد أن تحقق من عناد رئيس الحكومة الإنجليزية وعدم إمكانه التساهل في هذه المحادثات، التي كان يؤمل بعدها الدخول في باب المفاوضات النهائية، خصوصا وأن المستر ماكدونلد بين لدولته تمسك الحكومة الإنجليزية بالسيطرة على السودان، فلم يجد بدا بعد حبوط هذه المحادثات من العودة إلى مصر، وما كاد يصل لمصر حتى أسرع في نفس الأسبوع الأول من قدومه إلى تقديم استقالته لجلالة المليك المعظم، فاحتج مجلس النواب والشيوخ وكونا وفدا تشرف بمقابلة جلالته ملتمسا عدم قبول هذه الاستقالة، كما قد هاج الشعب المصري على بكرة أبيه، وقامت المظاهرات في طول البلاد وعرضها مؤيدة لهذا الوفد، فما كان من جلالة المليك المعظم إلا وحقق رغبته، ووافق على عدم قبولها تحقيقا لرغبة الأمة بوجه عام وجلالته بوجه خاص، فلم يجد دولته بدا من الرضوخ لإرادة جلالة المليك المعظم، والشعب المصري الكريم الذي قدر جهاده حق قدره.
ناپیژندل شوی مخ