والمعدومات، لأن الاتصاف بالحضور متوقف على الوجود، وهو منتف في الحوادث قبل وجودها، وكون علمه بالحوادث بحصول صورها في بعض الممكنات القديمة التي لها تحقق باطل، بنظير ما أبطلت به كون علمه تعالى بالصورة الحاصلة فيه، بل لك أن تستنبط بما ذكرته بطلان كون علمه تعالى بالممكن القديم بنفس القديم أيضا لو كان له تحقق، وأن تعلم أنه تعالى يعلم الأشياء على أقصى مراتب تفصيل كانت الأشياء به، أو يكون بذاته تعالى، وهو المطلوب.
فإن قلت: انحصار العلم في الحضوري والحصولي من المسلمات التي لا يظهر إنكار أحد له، وكون علمه تعالى بذاته حضوريا ظاهر، فعلمه بالأشياء أي قسم منهما؟
قلت: كون علمه تعالى بالأشياء عين ذاته تعالى ثابت بالبرهان، ومشهور بين المحققين، فإن ثبت الانحصار المذكور عندهم، فينبغي حمل الحضور على أعم من الحقيقي والحكمي، والقول بتحقق الحضور الحكمي في علمه تعالى بالأشياء، لأن تعالى بها لما كان عينه، فحضوره تعالى عند نفسه كما هو علم بنفسه، فهو علم بها أيضا، فذاته ثابتا في كون حضورها عندها علما بها، والحضور الذي نفيته هو الحضور الحقيقي.
وبما ذكرته في العلم ظهر أن قدرته تعالى وحياته وإرادته إذا أريد بها العلم بالمصلحة عين ذاته، وإن كانت الإرادة قد تطلق على معنى هو من صفات الفعل، كما يظهر من بعض الأخبار.
المبحث الرابع في أن وجوده تعالى عين ذاته لأنه لو كان زائدا عليها لاحتاج إلى علة، وكون علة وجوده غيره لا معنى له
مخ ۳۶