معدودة، تدل على كمال علمه وإحاطته على الأمور الجلية والخفية والكلية والجزئية، بحيث لا يعزب عن علمه مثقال ذرة من سلسلة معلولاته، التي جميع الممكنات مندرج فيها بعد إثبات التوحيد.
وعلى قدرته، لأن البديهة حاكمة بامتناع صدور تلك الأفعال عن عديم القدرة، وبوجوب كونها مستندة إلى القدرة والاختيار، وإذا كان عالما بأفعاله وقادرا عليها، فلا يمكن أن يصدر عنه الظلم الذي لا يجوز العقل صدوره عن كمل الممكنات، مع تجويز جلب النفع أو دفع الضرر به، فكيف بالصانع الذي لا يمكن الضرر عليه على تقدير ترك الظلم، ولا جلب النفع بالظلم، فوجوب الوجود وما هو تابع له آب عن احتمال الظلم.
وإذا كان عالما بأفعاله وقادرا عليها، لا يمكن إظهار المعجزة على يد الكاذب، لأن إظهار المعجزة التي هي خارجة عن طاقة البشر على يد الكاذب إغراء بالباطل وتلاعب بالناس، وهو قبيح وظلم عليهم، ومبدأه صفة نقص لا يليق نسبتها إلى بعض الممكنات، ولو نسب واحد منهما إلى كملهم لأبى العقل عن القبول أشد الإباء، فعدم جواز النسبة إلى الواجب تعالى غني عن البيان، فصاحب المعجزة صادق في ادعاء النبوة وفي جميع ما أخبر به، ومن جملته التوحيد، بحيث لا يمكن لأحد ممن قال به إنكار إخباره بالتوحيد.
فظهر بما ذكرته أنه يمكن إثبات التوحيد بالنقل، فإن تعسر حل بعض الشبهات المتعلقة بالدلائل العقلية الصرفة، فلا يضر بالمقصود، ولا ضرورة في ارتكاب ما ارتكب كثير من العلماء.
ويمكن إثبات علمه تعالى وقدرته بأن العلم والقدرة في بعض معلولاته يدلان عليهما في فاعله، لامتناع اتصاف المعلول بأحد هذين الكمالين من غير أن يتصف الفاعل به.
مخ ۳۴