حتى اذا ما وقعت على كتاب ((عجائب المخلوقات)) لجرجى زيدان , فرأيت فيه الصور لتلك المخلوقات الانسانية العجيبة ,التى سجلتها عدسة التصوير فألزمت بقبولها وتصديقها, فيها ما هو أعظم وأدهش مما ذكره فقهاؤنا@ عليهم الرحمة والرضوان: زال من خاطرى التعب عليهم, وخلفه الاذعان والتقدير لهم.
وتفتح أمامى أن الفقيه فى القطر قد تعرض عليه الحادثة, تقع فى الناس بين الازمان والازمان ,فيسجلها ويبين حكمها ,فاذا جمع جامع بين تلك الغرائب فى تلك الكتب , التى دونت على مرور الاجيال , ونظر اليها نظرة واحد قاصرة, وغفل عن الازمان والاجيال التى وقعت فيها, قام فى نفسه الاستبعاد لها ,والميل عن قبولها. وانما أتى من غفلته وقصر نظرته.
وليس معنى هذا: أنه يلزم الانسان أن يصدق بكل ما ينقل أو يقال ,لا, وانما عليه أن يقيس الامور اذا استغربها بمقياسها الزمنى البشرى الكبير ,لا بمقياسه الفردي الانسانى الصغير (1)
(1) ومن لطيف ما وقف عليه من أخبار الغرائب فى الخلقة, والعجائب فى كثرة الاولاد فى البطن الواحد , ما حكاه الحافظ المحدث المعمر أبو طاهر السلفى (أحمد بن محمد) ,المولود باصبهان سنة478,والمتوفى بالاسكندرية سنة576, فى كتابه: ((معجم السفر)) ,فقد جاء فى القسم الذى استخرجه منه الدكتور احسان عباس ,وطبع فى بيروت سنة1963 بعنوان ((أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر للسلفى)) :جاء فى هذا القسم المذكور فى ص59 قول الحافظ السلفى رحمه الله تعالى: ((سمعت أبا محمد عبد الله بن تويت بن الوران اللمتونى بالثغر يعنى بالاسكندرية حيث كان يقيم السلفى يقول وجربته وكان ثقة يتحرى الصدق : سمعت أخى الامير أبا يعقوب ينتان بن تويت الفقيه غيره من المرابطين الثقات بالمغرب يقولون ولد فى بنى نورت بطن من الملثمين جسمان كاملان برأس واحد ,فعاشا زمنانا , ثم مات أحدهما وثقل الاخر ,فراموا قطعه منه , فشاوروا الفقهاء , فقيل لهم: يصبر أياما , فلم يمض قليل حتى مات الأخر.
مخ ۱۰