وقص علي سيد بعد بضعة أسابيع بقية القصة، حين لقيته في القطار الذاهب إلى مصر فترك مكانه، وجاء يحييني ...
سألته ما حدث بينه وبين معاون البوليس، فأجابني دون أن يتخلى عنه جده: لقد أعطاني الجنيه والنصف، وهو يقول لي أمام زملائه: «ابقى هات لنا فراخ من دي تاني يا سيد ... بس السعر عالي قوي ... المرة الجاية تبقى تنزل السعر شوية يا سيد.»
وأمنت على كلامه، ولم أشأ أن أقول له إنني لست تاجرا، وإنه ليس رجلا شريفا. - أوكنت تريد أن تقول له ذلك يا سيد؟ - ولماذا لا أقول له يا بيه؟ ماذا كان يستطيع أن يفعل معي؟ أليس هناك قانون يعاقبه على ما فعل؟
وغادرني سيد عبد الغني، وعاد إلى مكانه من القطار ...
سيد عبد الغني استطاع أن يخرج من السجن دون أن ينبسط ... والذي استطاع أن يخرج من جيب حضرة معاون البوليس لأول مرة ثمن الدجاج.
كعكة في يد اليتيم
... منتهى أمله ... صنع كعكة لأطفاله ... وثوب لزوجته ... وفي سبيل هذا الأمل ... بذل ما يملك من حياة ... ***
رشف سيد ما تبقى من كوب الشاي في جرعة كبيرة، ومال برأسه قليلا إلى الوراء بضع دقائق ... ثم عاد إلى العمل.
وكأنما كان كوب الشاي والدقائق القليلة التي أراح فيها رأسه يوم عطلة كاملا ... فقد أحس بنشاط وحيوية كأنه لم يأكل منذ دقائق طعام إفطاره الجاف، وكأنما كانت حبات الفول التي نخرها السوس قطعا من الشواء سهلة الهضم لذيذة المذاق.
وأهوى سيد بالمطرقة على قطعة الجلد فاستوت، ومد يده إلى كوز النشاء فالتقط بإصبعه قطعة صغيرة أخذ يدهن الجلد بها حتى غطاها كلها، ثم ألصق فوقها القماش الأبيض، ثم نحاها بعيدا، وسحب قطعة أخرى من الجلد ... وأهوى بالمطرقة من جديد ... وتكررت العملية ... كل واحدة منها تستغرق الوقت نفسه ... تهوي المطرقة، وتمضي فترة سكون يسمع فيها حفيف يده تسوي النشاء على سطح الجلد، ثم تهوي المطرقة من جديد.
ناپیژندل شوی مخ