عام يود لو أنه زال من حياته، وما عرفه أبدا ... كل يوم من أيام هذا العام تفيض صفحة مذكراته بالحديث عن أسماء، وعن لقائهما كل ليلة حينما تنام عيون الأسرة.
وفي إحدى هذه المذكرات كتب سطرا ختم به صفحة يومه، سطرا لم يتمه ... «آه لو رأت الأم والوالد كيف كان الصنم الذي يعبدانه، ويقدمان له القربان صباح مساء مرتميا تحت أقدامي غارقا في لجة من الخجل والذل.»
إنه الآن في موقفه عند النافذة يستعيد ذكريات هذا اليوم في أعماق خياله بعد أن استعادها في صفحات مذكراته، ليس هذا اليوم فحسب بل ما تلاه من أيام، حتى دار العام وعرفت الأم كيف مرغ هو في الأوحال صنمها المعبود.
ليست المرأة أقدر إنسان على إذاعة الفضائح فحسب، وإنما هي أيضا أقدر إنسان على كتمانها ... لقد كتمت الأم كل ما عرفت حتى عن الأب، بل لعلها استحالت معه منذ ذلك اليوم إلى مخلوق رقيق تتلمس رضاه، وتتكلف الابتسام كلما رأته ... ولما زفت أسماء بعد ذلك بشهور كانت الأم هي التي اقترحت على الأب أن يشتري له ثوب سهرة فاخرا يليق بأخي العروس، ثوب السهرة الذي ارتداه ليلة الفرح ليسير متأبطا ذراع أسماء أخته، ليقودها إلى بيت زوجها.
وتجثم السحابة في شدة على قلبه فيذكر كيف أحس بالضيق في تلك الليلة، ويذكر كيف خانه القلم فلم يستطع أن يكتب سطرا في مذكراته عن مشاعره في ذلك اليوم فلم يزد على قوله: «كان يوما مثيرا بكل ما حدث فيه ... ولقد بكيت حينما انتهى الفرح، وعدت إلى الدار لأحس فيها بأني وحيد أنا وجريمتي التي تطالعني في كل ركن من أركان حجرتي.»
وتدق الساعة الثانية فيغادر مكانه من النافذة، ويتجه إلى مكتبه ... يفتح من جديد مذكراته، ويحاول أن يكتب ... ويكتب عن الماضي، عن ذلك العام الذي يتمنى اليوم لو لم يكن قد عرفه أبدا ... ويقول وهو يغالب التعب: «عذري الوحيد الذي أخادع به نفسي الآن أني كنت شابا دافق الصبا ... وكانت حسناء ريانة العود ... وكان الشيطان ثالثنا.»
ثم يضيف سطرا أخيرا: «وكنت أحس بلذة غريبة، وأنا أمتهن هذا القوام ... الذي يعبده كل من أبي وأمي ... ويحرقان صباي بخورا تحت أقدام سعادته ... كنت أحاول جاهدا أن أنكر هذه اللذة، لكنها كانت تطغى على كل شيء ... بل لعلها كانت تتقدم كل لذة ...»
حساب بين الخيرين
... لقد خلق كلاهما للآخر ... كان يريد أن يصعد ... وكانت السلم لمجده ... ***
بعض القصص يبدأ حينما يرى رجل امرأة، وينتهي حينما يتزوج هذا الرجل بالمرأة، أو حين يفترق كلاهما عن صاحبه، أو حين يموت أحدهما ويعيش الآخر.
ناپیژندل شوی مخ