تضع إحدى تلك الصور في ظرف، وترسلها إلى ميجان. (مزقت قائمة العناوين وأرقام الهواتف المعلقة على الحائط، كإجراء احترازي.) ترسل صورة أخرى إلى دون. وصورة ثالثة، مختومة ومصحوبة بعنوان، عبر المدينة، إلى برنت. لا تكتب أي شيء على الصور أو ترفق أي تعليق. لن تهتم بأمر أي من هؤلاء الأشخاص بعد ذلك. حقيقة الأمر أنه لن يمر وقت طويل قبل أن ترحل من هنا.
تريد فقط أن تجعلهم يتساءلون.
خير ورحمة
ودعت باجز الأرض التي كانت تتوارى عن الأنظار، شبه جزيرة لابرادور التي تحيط بها مياه داكنة الزرقة. كانت السفينة تعبر خلال مضيق جزيرة بيل، في يومها الثالث من إبحارها من مونتريال.
قالت: «علي أن أرحل إلى أجراف دوفر البيضاء.» ورسمت تعبيرا على وجهها، مديرة عينيها وفمها الصغير الحذق، فم المغنية، كما لو كان عليها أن تتقبل بعض المضايقة: «وإلا سألقي نفسي في الماء كي أكون طعاما للسمك.»
كانت باجز في أيامها الأخيرة، لكنها كانت امرأة رشيقة القوام، بيضاء البشرة، قبل أن تبدأ في الذبول، لذا لم يكن ثمة فرق صادم. كان شعرها الفضي البراق مقصوصا بشكل قصير بطريقة ماهرة من قبل ابنتها آفريل. لم يكن شحوب وجهها رهيبا، وأخفت الأردية العلوية والمعاطف الطويلة الفضفاضة التي صنعتها آفريل لها حالة ذراعيها ونصف جسدها العلوي. امتزجت تعبيرات الإجهاد والإرهاق التي تظهر على وجهها بين الحين والآخر مع تعبير قديم كان لديها؛ أسى ضاحك، جامد. لم تكن تبدو في حالة سيئة على الإطلاق، وكان سعالها معقولا.
قالت لآفريل - التي دفعت ثمن الرحلة من مال تركه لها أب لم تره قط - لتتذكر: «هذه مزحة.» عندما فرغا من الترتيبات، لم تكونا تعلمان ماذا كان سيحدث، أو أن الأمر كان سيحدث بسرعة مثلما بدا الآن.
قالت باجز: «في واقع الأمر، أنوي أن أظل على قيد الحياة حتى أجعل حياتك بائسة لعدة سنوات قادمة ... أبدو أفضل حالا. ألا تعتقدين ذلك؟ في الصباح، على أي حال. أتناول الطعام. كنت أفكر في أن أبدأ في السير قليلا. سرت إلى سياج السفينة بالأمس، عندما لم تكوني هنا.»
كانت كابينتهما على سطح السفينة، وهناك كرسي موضوع لباجز خارجها. كان هناك مقعد تحت نافذة الكابينة، تجلس آفريل عليه الآن وفي الصباح يجلس عليه الأستاذ الجامعي من جامعة تورونتو الذي كانت باجز تطلق عليه أحد معجبيها، أو «ذلك الأستاذ الجامعي الأحمق».
كان ذلك يحدث على متن سفينة نرويجية ناقلة للركاب، في أواخر السبعينيات، في شهر يوليو. كان الجو عبر شمال المحيط الأطلنطي مشمسا، والبحر هادئا وبراقا مثل الزجاج. •••
ناپیژندل شوی مخ