بينما كانت الأبيات الأولى التي تذكرتها أولا تتسم بعدم لباقة بالغة، لم يبد أنه يعبأ بذلك. في حقيقة الأمر، أسند ظهره إلى مقعده وبدا مستريحا، ورفع رأسه وبدأ في إلقاء القصيدة نفسها التي كانت قد ألقتها الآنسة دوبي، وإن كانت بوقع هادئ، بأسلوب مميز، وفي صوت ذكوري رائع، حزين، دافئ. اتسع استخدامه للكنة الاسكتلندية، لكن مع سماعها جانب كبير من القصيدة من قبل، ضد إرادتها تقريبا، استطاعت هازل تمييز كل كلمة. أمسك الصبي من جانب الجنيات، يعيش حياة المغامرات والترف - لا يستطيع الشعور بالألم - لكنه يصبح متحفظا أكثر مع كبره في السن، مذعورا من أن «يدفع ضريبة للجحيم»، ويتوق إلى الدفء البشري؛ لذا قام بإغواء فتاة وقحة وأرشدها إلى طريقة تحريرها إياه. كان عليها أن تحرره عن طريق الإمساك به بقوة، الإمساك بأي شيء تحوله الجنيات إليه، الإمساك به حتى تستنفد حيلهم، ويدعونه يذهب. بالطبع، كان أسلوب دادلي في الإلقاء قديما، بالطبع كان يسخر من نفسه قليلا. كان ذلك ظاهريا فقط. كان هذا الإلقاء مثل الغناء. تستطيع أن تعبر أيما تعبير عن رغبتك الشديدة دون أن تخشى أن تصبح مغفلا. «شكلوه بين ذراعيها أخيرا،
رجلا عاريا كما ولدته أمه،
لفته في عباءتها الخضراء،
وهكذا صار حبها الحقيقي!»
أنت والآنسة دوبي، يا لكما من ثنائي رائع! •••
قالت هازل: «رأينا المكان حيث ذهبت لملاقاته ... في طريق عودتنا، أرتني أنطوانيت المكان. هناك بحذاء النهر.» كانت تظن أن من الأمور العجيبة أن تكون هنا، في خضم حياة هؤلاء الناس، شاهدة على ما رأته من تدبير أمرهم، على جراحهم. لم يكن جاك هنا، لم يكن جاك هنا، لكن ها هي كانت هنا.
قال دادلي، بنبرة إزدراء وانفعال، «كارترهو؟ ... لا يقع بحذاء النهر! لا تعرف أنطوانيت عما تتحدث! هذا هو الحقل المرتفع الذي يطل على النهر. هناك حيث كانت توجد خواتم الجنيات. فطريات. إذا ظهر القمر، نستطيع أن نخرج الليلة ونلقي نظرة على المكان.»
كان هازل تستشعر شيئا، وبدأ الشك يتسرب إليها. الجنس. شعرت بأن عينيها تتسعان، جلدها يتقلص، أطرافها تتراخى، في حذر. لم يكن القمر ليظهر؛ كان ذلك هو الشيء الآخر الذي أوضحته نبرة صوته. صب المزيد من الويسكي، ولم يكن ذلك بغرض تيسير عملية الإغواء. كل الإيمان والطاقة، البراعة، النسيان اللازم للتحكم في أية علاقة قصيرة - كانت هازل تعرف؛ إذ دخلت من قبل في علاقتين قصيرتين، واحدة في الجامعة والأخرى في أحد مؤتمرات المدرسين - كل ذلك تجاوزاه الآن. كانا سيرغبان في السماح للانجذاب بأن يكتسحهما ثم ينحسر. كانت أنطوانيت ستصبح غير ممانعة، هكذا كانت هازل متأكدة. كانت أنطوانيت ستفسح المجال لشخص سيمضي إلى حال سبيله - شخص لا يهم على الإطلاق - أشبه بالأمريكيين. كان ذلك شيئا آخر يجعلهما يتراجعان؛ عدم ممانعة أنطوانيت. كان ذلك كافيا حتى يفكرا في الأمر مليا، حتى يدققا في الأمر.
قال دادلي بنبرة أكثر خفوتا: «الفتاة الصغيرة ... هل كانت هناك؟» «لا، تذهب إلى الحضانة.» فكرت هازل في كيف كانت تحتاج شيئا ليس بالكثير في واقع الأمر - مجرد إلقاء قصيدة - حتى تتحول بأفكارها من القلق إلى الطمأنينة. «هل تذهب حقا إلى الحضانة؟ يا له من اسم تحمله تلك الطفلة! تانيا!»
قالت هازل: «هذا ليس اسما غريبا جدا ... ليس في هذه الأيام.» «أعلم ذلك. جميعهن يحملن أسماء دولية غريبة، مثل تانيا وناتاشا وإيرين وسولانج وكارمن. لا تحمل أي منهن أسماء من العائلة. تلك الفتيات صاحبات الشعر الذي يشبه عرف الديك اللائي أراهن في الشوارع. ينتقين الأسماء. هن الأمهات.»
ناپیژندل شوی مخ