في سوق الغجر.
تعاني ألميدا إلى حد كبير من الأرق، ووصف لها الطبيب مستحضرات بروميد وأدوية مهدئة للأعصاب. تتناول البروميد، لكن قطراته تجعلها تحلم أحلاما حية ومزعجة جدا؛ لذا نحت الزجاجة جانبا لتستخدمها في حالات الطوارئ فقط. أخبرت الطبيب أنها تشعر بأن مقلتي عينيها جافتان، مثل الزجاج الساخن، وأن مفاصلها تؤلمها. طلب منها ألا تقرأ كثيرا، وألا تجلس إلى المكتب كثيرا، وأن تشغل نفسها بأعمال المنزل وتمارس التمارين الرياضية. يعتقد أن مشاكلها الصحية ستنتهي إذا تزوجت. يعتقد ذلك على الرغم من أن العقاقير المهدئة للأعصاب توصف لنساء متزوجات.
هكذا، تنظف ألميدا المنزل وتسهم في تنظيف الكنيسة، وتساعد أصدقاءها الذين يقومون بلصق ورق حائط أو يتأهبون للزفاف، وتخبز إحدى كعكاتها الشهيرة لنزهة يوم الأحد المدرسية. في يوم سبت حار في شهر أغسطس، تقرر صنع جيلي من الكرم. ستكون الدوارق الصغيرة من جيلي الكرم هدايا جميلة في الكريسماس، أو للمرضى، لكنها بدأت إعداد الجيلي في وقت متأخر من اليوم، ولم تنته منه بحلول الليل. في حقيقة الأمر، وضعت الثمار الساخنة في الكيس القماشي لتوها كي ينزل العصير منها. تحتسي ألميدا بعض الشاي، وتتناول قطعة من الكعك بالزبد (وهي أحد الأشياء التي تستمتع بها منذ طفولتها)، وهذا هو كل ما تحتاج إليه في العشاء. تغسل شعرها في الحوض وتغسل جسدها بالإسفنج حتى تصبح نظيفة يوم الأحد. لا تنير مصباحا. ترقد على الفراش والنافذة مفتوحة على مصراعيها ولا توجد سوى ملاءة تصل إلى وسطها، وتشعر شعورا رائعا بالإجهاد، بل وتشعر حتى بقليل من النسيم.
عندما تستيقظ، يبدو الليل شديد الحرارة ومليئا بالأخطار. ترقد متعرقة في فراشها، ويتولد لديها الانطباع بأن الضوضاء التي تسمعها هي أصوات سكاكين، ومناشير، وفئوس - كلها أدوات غاضبة تقطع وتطعن وتخرق رأسها. لكن هذا ليس صحيحا؛ مع استفاقتها أكثر، تميز الأصوات التي سمعتها من قبل في بعض الأحيان - شجار في أحد أيام السبت في الصيف في شارع بيرل. عادة، تتمحور أصوات الضوضاء حول أحد الشجارات. الناس مخمورة، وهناك الكثير من الصياح والتشجيع فيما يتعلق بالشجار، سيصرخ أحدهم قائلا: «جريمة قتل!» في إحدى المرات، كانت ثمة جريمة قتل، لكنها لم تقع خلال أحد الشجارات. طعن رجل عجوز حتى الموت في كوخه، ربما بسبب بضعة دولارات كان يحتفظ بها في حاشية فراشه.
تنهض من الفراش وتذهب إلى النافذة. سماء الليل صافية، بلا قمر وبها نجوم براقة. كوكبة الفرس الأعظم أمامها مباشرة، فوق المستنقع. عرفها والدها بهذه الكوكبة من النجوم - تلقائيا، تعد نجومها. تستطيع الآن تمييز الأصوات، أصوات فردية. لا شك أن بعض الناس استيقظوا، مثلها، من النوم. وهم يصرخون: «اصمتوا!» «توقفوا عن هذا العويل وإلا سأنزل وأوجعكم ضربا!»
لكن لا يسكت أحد. كان الأمر كما لو كان ثمة كرة من النار تتدحرج في شارع بيرل، ينبثق منها شرر - فقط النار تحدث ضوضاء؛ صياح وضحك وصراخ وشتائم، وشرر نيران تمثل أصواتا تنبثق وحدها. يميز صوتان نفسهما تدريجيا: صراخ شديد صاعد وهابط وسيل منتظم، سريع وبنبرة خفيضة من السباب الذي يتضمن جميع تلك الكلمات التي تربط ألميدا بينها وبين الخطر والانحلال الأخلاقي والروائح الكريهة والمناظر المنفرة. ثمة شخص ما يضرب، شخص يصيح قائلا: «اقتلني. اقتلني الآن.» إنها امرأة. تستمر في البكاء قائلة: «اقتلني. اقتلني.» وفي بعض الأحيان يبدو فمها مختنقا من كثرة الدماء. لكن ثمة شيء مستفز ونبرة انتصار في صراخها. ثمة شيء متكلف بشأن صراخها. ويصيح الأشخاص حولها قائلين: «توقف! توقف عن ذلك!» أو «اقتلها. اقتلها.» في نوبة محمومة، كما لو كانوا في مسرح أو مباراة رياضية أو مباراة ملاكمة مقابل المال. تحدث ألميدا نفسها أنها رأت ذلك من قبل؛ دائما ما يكون الأمر في جزء منه نوع من المباراة التمثيلية بين هؤلاء الأشخاص. هناك نوع من المحاكاة الساخرة الفجة، مبالغة، حلقة مفقودة، كما لو أن أي شيء فعلوه - حتى القتل - ربما لم يكن شيئا يؤمنون به، لكن لم يكن لهم قدرة على منعه.
هناك الآن صوت شيء يقذف - مقعد، لوح خشب؟ - وصوت كومة حطب أو جزء من سياج ينهار. كثير من الصرخات الجديدة المندهشة، صوت عدو، أشخاص يخرجون عن مسارهم، وصوت جلبة يقترب أكثر. تستطيع ألميدا أن تميز جسدا محنيا، يجري مرتديا فستانا رقيقا. هذه هي المرأة. تمسك بشيء مثل عصا من الخشب أو لوح خشبي، وتستدير وتلقي بها في اتجاه الجسد غير واضح الملامح الذي يطاردها.
تصيح الأصوات: «هيا، أمسك بها.» «هيا، اضربها بقوة.»
يتراجع الكثيرون الآن. يقترب الجسدان الآن من أحدهما من الآخر ويشتبكان، ثم يفترقان مجددا، ثم يسقطان أخيرا على سياج ألميدا. يصبح الصوت الذي يصدر عنهما الآن صوتا مرتبكا كثيرا - صوت تكميم، وقيء، ونخير، ولكم. ثم يصدر صوت طويل مهتز مختنق من الألم والذل، والاستسلام الكامل، وهو صوت ربما يصدر عن أي منهما أو كليهما.
تراجعت ألميدا عن النافذة وجلست على الفراش. هل كان ذلك الذي سمعته صوت جريمة قتل؟ ما العمل؟ ماذا ستفعل؟ يجب أن تضيء مصباحا، يجب أن تنزل إلى الأسفل لتضيء مصباحا، يجب أن تنزل إلى الفناء، يجب أن تنزل إلى الأسفل، إلى الفناء، المصباح، تنام على فراشها وتضع الوسادة على وجهها في دقيقة. الدرج، المصباح. ترى نفسها بالأسفل، في القاعة الخلفية، تسحب مقبض الباب الخلفي. تغط في النوم.
ناپیژندل شوی مخ