فأرسلها وانطلقت فتاهت في برية وسيعة ونفد الماء من الأدوات فألقت الصبي تحت شجرة من شجر الشيح فانطلقت فجلست قباله وتباعدت عنه كرمية السهم لأنها قالت لا أعابر برب الصبي فجلست إزائه ورفعت صوتها وبكت فسمع الرب صوت الصبي فدعا ملاك الرب هاجرا من السماء فقال لها مالك يا هاجر لا تخافي لان الرب قد سمع صوت الصبي حيث هو قوى فاحملي الصبي وشدي به يديك لأني اجعله رئيسا لشعب عظيم وأجلى الله عن بصرها فرأت بئر ماء فانطلقت فاملأت الأدوات ماءا وسقت الغلام وكان الله مع الغلام فشب الغلام وسكن برية (فاران) وكان يتعلم الرمي في تلك البرية وزوجه أبيه امرأة من أهل مصر.
فصل فيما نذكره من الرابع عشر من الوجه الثانية مما يقتضى ان الذبيح الذي فدى بالكبش إسماعيل فقال ما هذا لفظه، وقال له اني أقسمت بقول الرب بدل ما صنعت هذا الصنع ولم تمنعني (يكور لابن الوحيد) لأبركتك بركة ثانية ولأكثرن نسلك مثل كواكب السماء ومثل الرمل الذي في ساحل البحر وبرت زرعك أراضي أعدائهم ويتبارك بنسلك جميع الشعوب لأنك أطعتني.
يقول علي بن طاووس يفهم من المصنف من قوله (يكور لابن الوحيد) انه إسماعيل بغير شبهة لأنه يكره قتل إسحاق ولأنه الوحيد فان إسحاق ما كان وحيدا لأنه كان بين سارة وإبراهيم ومعها ثم ذكر في السادس عشر ان حياة إبراهيم مائة وخمس وسبعون سنة وذكر الثعالبي في كتاب العرايس ان هاجر ماتت قبل سارة فدفنت في الحجر بالكعبة وسارة دفنت بأرض كنعان في حرون.
أقول وربما يقول بعض اليهود انهم من إسحاق ولد الست وإسماعيل من ولد الجارية فيقال لأن ولادة سارة ما نفعتهم بما عملوا بأنفسهم بموسى وولادة هاجر اقتضت ضرب الجزية عليهم وقتلهم واستبعادهم وخروج النبوة والملك والحق عنهم.
مخ ۴۲