ساعتونه د کتابونو ترمنځ
ساعات بين الكتب
ژانرونه
كان صديقي هذا تقيا صالحا من صباه، وكان يحب التقاة الصالحين والذين عليهم سمت الدين والورع والطيبة والاتكال على الله، فكان يحب الشيخ حمزة ويجله ويقلده أيضا تقليد المودة والإعجاب إذا دعت إلى ذلك ضرورة المزاح، وهي ضرورة في سن الصبا كثيرة الطروق لا تهاب التجلة ولا تعرف الأعذار! ولما انتهت دراسته لم ينس العالم الكبير ولم يزل يواليه بالهدايا الأسوانية كالخوص المنسوج بألوانه الفرعونية، أو التمر الجيد، أو الفاكهة التي يتقدم إبانها في أسوان لحرارة جوها وسرعة النضج فيها، فأرسل إليه يوما كيلتين من التمر الفاخر وتعب في انتقائه جدا وتعب في انتقاء الكلمات التي يكتبها إليه أضعاف تعبه في انتقاء الهدية.
ماذا يقول؟ أيقول أرسلت لك بلحا في مقطف أو قفة أو أشباه ذلك من الكلمات التي يكتبها كل إنسان لكل إنسان؟ حاشى العلم وحاشى العلماء وحاشاه هو أن يقترف هذه الكبيرة في حق الشيخ، وأن يبتذل مقام العلامة اللغوي هذا الابتذال! كيف؟ أيذكر له القفة والبلح والمقطف في خطاب وهو لو استطاع لبدل حروف الجر التي يفهمها عامة الناس؟
وما أدري أين عثر بكلمة المثوج هذه، وعلم أنها مرادفة لكلمة المقطف، فهلل لها وكبر وأخذ في كتابة الخطاب.
أرسلت؟ لا! أزجيت أولى، وأبلغ.
إذن يكون مستهل الخطاب هكذا: «أزجيت إليك بمثوج فيه ...»
فيه ماذا! فيه تمر كما يقول عامة خلق الله! معاذ الله! بل فيه بسر، فهي كذلك أولى هنا وأبلغ! وإذا كان القاموس يقول: إن البسر هو التمر لون ولم ينضج ... فلا بأس هنا بهذا التحريف المقصود. إنه لأشبه بالمألوف من تطفيف قيمة الهدية، وتصغير شأنها، فلا ضير أن يجري الكلام إذن على نحو هذه البلاغة النادرة:
مولاي الأستاذ الجليل: أزجيت إليك بمثوج فيه بسر، ثم يجري على هذا النمط إلى السلام والختام.
وقد كان، وذهب «البسر» وذهب الخطاب، وجاء الشيخ حمزة في موعده من العام فاستقبله صديقنا الصالح، وضحك الشيخ ولم يدر صديقنا مم يضحك، ثم سأله وهو يغالب نفسه: ما المثوج؟
قال: أوليس هو المقطف يا مولاي؟
قال: لا يا بني! المثوج هو زنبيل يوضع فيه الزبل والتراب! وقهقه الشيخ تلك القهقهة التي يذكرها عارفوه.
ناپیژندل شوی مخ