209

ساعتونه د کتابونو ترمنځ

ساعات بين الكتب

ژانرونه

يا للرجال! وإنني لمهند!

ولا يدري كيف يجيب نفسه على سؤاله؛ لأنه لم يكن يدري أن فضائله كلها لا تساوي فتيلا بغير الحيلة والعلم بأساليب الدخول بين الناس، وأن الحيلة وحدها قد تغني عن فضائله جميعا ولو كان صاحبها لا ينظم شعرا، ولا ينظر في كتب الفلسفة والرواية والنجوم.

حسن! إذن ندع الوزارة والولاية والعمالة بعد يأس مضيض يسهل علينا هنا أن نسطره في كلمة عابرة، ولكنه لا يسهل على من يعالجه ويشقى بمحنته في كل ساعة من ساعات حياته، ندع الوزارة والولاية والعمالة ونقنع بالمثوبة من الوزراء والولاة والعمال إن كانوا يثيبون المادحين، فهل تراهم يفعلون؟

لا؛ لأن الحيلة لازمة في استدرار الجوائز والمثوبات لزومها في كل غرض من أغراض المعاش، ولا سيما في ذلك الزمان الذي شاعت فيه الفتن والسعايات وما كانت تنقضي منه سنة واحدة بغير مكيدة خبيثة تودي بحياة خليفة أو أمير أو وزير، وربما كانت مصانعة الحجاب والتماس مواقع الهوى من نفوس الحاشية والندمان، واللعب بمغامز النفوس الخفية وإضحاك هؤلاء وهؤلاء أجدى على الشاعر في هذا الباب من بلاغة شعره، وغزارة علمه، وربما كان الوزير لا يثيبه إلا ليستصلحه، كما كانوا يقولون في لغة ذلك الزمان؛ أي ليتخذه نصيرا له عسى أن ينفعه يوما في مجالس الخلفاء والأمراء بكلمة يقضي بها مأربا، أو يكبت عدوا، أو بحيلة يقرب بها بعيدا أو يبعد قريبا، وأين يذهب ابن الرومي في هذا المجال؟ وماذا يرجو الممدوحون من تقريبه وهو رجل كما كانوا يقولون ممرور موسوس، أدبه أكبر من عقله، ولسانه أطول من صبره؟ لقد كان صاحبنا صفرا من هذه البضاعة، فلا جرم نراه يشكو تكبر الحجاب ودسائس الندماء والأصحاب، ويعطى القليل حين يجزل عطاء الآخرين، أو يثاب مرة ويحرم مرات، فقد بلغ من وكس حاله في هذا أنه كان يستجدي الكساء، فيمطلونه ويعود إلى الاستجداء فيعودون إلى المطل.

جعلت فداك لم أسأل

ك ذاك الثوب للكفن

سألتكه لألبسه

وروحي بعد في البدن

وبلغ من وكس حاله أن الممدوحين كانوا يقبلون شعره ولا يثيبونه، فإذا ألح في طلب المثوبة قالوا له خذ شعرك فامدح به غيرنا، كما فعل ابن المدبر حين قال فيه:

رددت علي مدحي بعد مطل

ناپیژندل شوی مخ