ساعتونه د کتابونو ترمنځ
ساعات بين الكتب
ژانرونه
فلما تمشى في الصباح رآها
فأصغيت أسمع النبأ الجديد، وهل ثم من نبأ جديد؟ كل ما أزعجتني هذه الثرثارة لتفضي إلي به هو أنها هناك، وأنها حية كما أعلم، وأنها سعيدة بالحياة، فأهلا وسهلا! نعم النبأ هذا والله، وما يبرح جديدا طريفا في كل يوم، بل ما يبرح قديما معادا ألذ من الجديد الطريف، فمرحبا بالنبأ والمنبئين ومرحبا بالخفة المستطارة، التي تنقض كل ما أوقرتنا به فلسفة المتشائمين. •••
لماذا تغرد الطير؟ لأنها تجد الطعام الكثير كما يقول بعض الطعاميين النفعيين الذي لا يتناولون الحقائق أبدا إلا من الأذناب، ولكن إدوارد جراي يراقب الطيور، ويتفهم لغاتها فيأبى أن يجعل ألسنة الهواتف كلها في بطونها، ويأخذ في حوار بين باحثين مفروضين يؤيد أحدهما فلسفة الطعام، ويشك الآخر في هذه الفلسفة. يقول الطعامي قوله فيجيبه صاحبه بأن الطعام أكثر ما يكون في شهري أغسطس وسبتمبر، فلماذا يقل فيهما الغناء؟ فلا يقنع الطعامي بهذه المناقضة ولا يعسر عليه أن يلتمس العلة لقلة الغناء فيما يصيب الطيور من الإعياء بعد موسم الحب والإنتاج، فيسأله صاحبه: ولماذا تعود فصيلة من الطير إلى التغريد في أكتوبر، ولا نسمع في هذا الشهر صوتا لفصائل أخرى؟ فيجد الطعامي جوابا يورده على شيء من الحذر والتحفظ ويقول: لعل هذه الفصائل أيضا ينالها من التعب ما ليس ينال الأخريات! فيذكر له صاحبه اسم العصفور الدوري، وهو طائر ينسل ريشه في موسم الحب، ثم لا يستهل شهر أغسطس حتى يتدفق بالتغريد والتهليل، فينتهي الحوار بهذا، وينتقل المؤلف إلى رأي الذين يرجعون بسبب الغناء إلى الحب، فيقول: إن هذا العصفور الدوري يتجنب الأنثى ولا يطيق اقترابها في الخريف، ثم هو لا ينقطع عن الغناء حين يكون على تلك الحالة من النفور، ولعله يغني حينذاك ليقرر مكانه ويدفع المزاحمين عن غشيانه، وهو سبب معروف مشهود لرفع الصوت بالترنيم والتحذير.
ويخرج الوزير المشغوف بالطير من بحثه على نتائج ثلاث هي: (1)
أن الغذاء لازم للغناء، ولكنه لا يكفي وحده لابتعاثه. (2)
أن الحب باعث للغناء في الطيور المغردة كافة، فهي تغرد جميعها في موسمه، وتبلغ فيه غايتها من النشوة والإطراب. (3)
أن تقرير المكان كاف للغناء، إن لم يوجد له سبب سواه.
ولكن الوزير يعود بعد إثبات هذه النتائج فيورد عليها الريبة من غناء الزرازير في الخريف حين تتجمع في مكان واحد، ولا يبتعثها للغناء حب ولا تقرير مكان، وإنما تغني لأنها لا تعرف عندها سببا للسكوت، فلا بد إذن من نتيجة رابعة وهي: (4)
أن بعض الطيور تغني لمحض الشعور بالراحة والسلامة، بغير سبب خاص من تلكم الأسباب.
وكأن هذا كله ينتهي إلى نتيجة واحدة، وهي أن الطيور تغني لأنها خلقت للتعبير عن حياتها كلما زالت موانع التعبير، ومن السخف أن يقال إنها تغني؛ لأنها تجد الطعام الكثير لأن وجود الطعام نفسه في الربيع والصيف، يحتاج إلى تعليل غير ذلك التعليل، وإذا كانت الأرض تقتبس من الربيع حياة تسخو بالحبوب والخيرات، فما الذي جناه الأحياء عند هؤلاء الطعاميين، حتى لا يقتبسوا من الربيع خصبا ينطق بالغبطة والسرور، وبكل ما تفيض به النفس من حب ورجاء واعتزاز؟
ناپیژندل شوی مخ