104

ساعتونه د کتابونو ترمنځ

ساعات بين الكتب

ژانرونه

أما الآن فبقيامكم ضد الثرثارين، وتقويضكم لبناء ما كانوا يحسبونه آثارا أدبية، وإماطتكم اللثام من كل من كنا نعدهم من الشعراء الفحول، والكتاب المبرزين، قد أسفرت النتيجة عن تجدد حقيقي في اللغة والأدب، إذ أدركوا ما ترمون إليه في انتقاداتكم فيهبوا يتبارون فيه جاهدين قرائحهم، وصارفين مهجهم نحو «الحياة» نحو «الجمال» نحو «المثل العليا» تلكم الكلمات الحية التي ما وجهت طرفي نحو أي سطر من فصولكم ومطالعاتكم ومراجعاتكم ونحو أية صفحة مما تكتبون إلا عثرت عليها ، ولصرف مهجتكم إلى هذه المطالب ونقدكم الصحيح الخالص من الأغراض وسعيكم وراء الحقيقة رضي القوم أم غضبوا أتيت أعرض عليكم كلمة في رفيق صباي ومربي روحي راجيا منكم التفضل بإبداء رأيكم فيه، ولكم الشكر الجزيل سلفا؛ لأن كل هاتيكم الخلال جعلتني كما جعلت غيري يعتبرون قولكم الفصل فيمن تكتبون له أو عليه.

ذلكم الرفيق يا سيدي، هو فخر العراق كما تقولون جميل صدقي الزهاوي، فقد عرفته منذ دخلت المدرسة، وولعت بديوانه حتى إنني كدت أن أحفظه نثرا ونظما فمن نزعته في الشعر إلى قوله في القبر:

ولست بمسئول إذ ما سكنته

أكنت عبدت الله قبلا أم اللاتا

إلى قوله في مهاجميه:

يا قوم مهلا مسلم أنا مثلكم

الله ثم الله في تكفيري

وعندما أسأم استمرار قراءتي فيه أعمد بعد تحضير واجباتي المدرسية إلى مطالعة أحد الدواوين، فأرى نفسي كأنني انتقلت من روضة حافلة بالأزهار من كل صنف، زاهية بالماء الزلال الجاري و«الهزار» على أغصان أشجارها، يشدو بنغماته العذبة الشجية إلى أرض قاحلة لا ماء فيها ولا شجر ولا هزار، فلا ألبث أعود إلى ديواني الأول، وشغفي به يزداد كلما رأيته سابقا وغيره لاحقا، وهكذا.

وما أقوله لكم في ديوانه، أقوله لكم في مباحثه التي تنشر في الهلال، حتى إنني إذا لم أجد فيه فصلا من فصول جميل انقبضت نفسي لذلكم كثيرا، وإذا رأيت فيه مبحثا له قدمته على سائر الموضوعات فقرأته، وأعدته المرار العديدة حتى تعلق بذهني جمل منه، ومن الجمل أفكار ومن الأفكار مناقشة تنتهي بي إلى قضاء جزء كبير من أوقاتي معه، وحمادى القول إن السيد جميل لهو أحق بالنقد من سواه، وبمن يظهر آثاره الأدبية والفلسفية، وهذا لا يتصدى للبحث فيه إلا أمثالكم الذين يقدرون الأدب حق قدره. إذ من العار أن نبقى كما قال فيلسوف العراق لا نعرف قيمة للأديب في قطرنا إلا بعد مماته:

من بعد ما في قبره

ناپیژندل شوی مخ