السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله
للشيخ الإمام والعلامة الهمام
الشيخ عبد الباقي الزرقاني المالكى
رحمه الله ونفعنا به دنيا وآخرة
في نوبة الفقير الفاني ... مصطفى بن محمد البناني
المالكي المغربي الفاسي ... ألان الله قلبه القاسي
كتبتك يا كتابي ولست أدري ... إذا ما مت من يقرأك بعدي
صديقي أم عدوي أم حسودي ... أم الحب الذي يشجوه فقدي
تحقيق ودراسة
أ. د. جابر زايد السميري
أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة
أ. عبير سليمان الطرطور "أم خديجة"
محاضرة في كلية أصول الدين
مخ ۱
1428ه دراسة وتحقيق
لمخطوطة (السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله) , للشيخ الإمام الهمام/ عبد الباقي الزرقاني.
بينت هذه المخطوطة ووضحت أن الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ليس مقصوراعلى سبع خصال _ وهي الموضحة في الحديث الشريف _ بل تصل هذه الخصال إلى أكثر من أربع وتسعين خصلة, وقد أحصاها المؤلف وعدها واستدل عليها, وهذا الجهد المبارك فيه حث على العمل, وترغيب فيه كي يحظى صاحبه بهذا الأجر العظيم.
Abstract
Recension and studied for manuscript of seven whose will be under the shadow of Allah in the lest day for AL- Emam Abed AL- Bage ALzryany.
This manuscript describe the people whose will in the shadow of Allah , where were seven not capacity only , but the capacity more than seven it is reach to nightly four the research counted seven it by effedence.
This research urgu the people to do a good deeds to have arewared.
مخ ۲
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
فإن علم الوحى من أشرف العلوم وأجلها، وقد أورثه الله عز وجل - من هذه الأمة - من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وبرع فيه من علماء الإسلام علماء أفذاذ، فتركوا لنا كنوزا ثمينة، تستحث الهمم لإخراجها إلى النور قبل أن تأتي عليها الأيام وتحتاج إلى دراسة متأنية، لتمييز الغث من السمين، الذي يجب أن نطلع عليه لنقف على صورة أكثر وضوحا لفهم النص كما تركه مؤلفه.
وبعد بحث ليس بالقصير، ألقيت عصا الترحال، عند علم من الأعلام البارزين في تاريخ أمتنا، ألا وهو الإمام عبد القادر الزرقانى وابنه محمد الذي برزا في عدة فنون من العلم، فقد وقع لهما بين يدي مخطوطة قيمة باسم (السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله) جمعا فيها من الفوائد الشيء الكثير، فعقدت العزم على تحقيقها، كي ينتفع بها فى مجال الحياة. واقتضت طبيعة البحث أن تكون خطته كالاتى:
المطلب الأول: دراسة حول المؤلف.
المطلب الثانى: دراسة حول المخطوطة شملت عدة مسائل.
الأ ولى: اسم المخطوطة. ... الثانية: عدد الأوراق والأسطر والكلمات. الثالثة: أهمية المخطوطة. الرابعة: من ألف فى هذا الموضوع وسمى مؤلفاته باسم مشابه الخامسة: مصادر المؤلف التى وردت فى المخطوطة .. المطلب الأول: دراسة حول المؤلف
اسم المؤلف: عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الزرقاني (¬1) , عاش حياته في مصر وتوفي فيها (1099 - 1688ه -
مؤلفاته: له مؤلفات كثيرة منها: شرح الموطأ للإمام مالك, وشرح علىمختصر الشيخ خليل في أربع مجلدات ..
مخ ۱
تعقيب: ورد في نهاية المخطوطة عبارة (بيضه جامعه الحقير (¬2) محمد بن عبد الباقي الزرقاني .. ) ولا يخفى أن هذا الشخص هو ابن للمؤلف وقد ترجم له الزركلي في الأعلام (¬3) , بأنه محمد بن عبد الباقي بن يوسف .. ويظهر أنه شارك أباه عبد الباقى في تأليف عدة من الكتب المنسوبة له ولأبيه كشرح الموطأ للإمام مالك (وهو مطبوع) , وكذلك شاركه في هذه المخطوطة ولو على الأقل في جمعها وتبييضها, خاصة وقد تميز الابن عن أبيه بأنه اشتغل في مصنفات السخاوي المسمى الخصال الموجبة للظلال) وعليه لا يكون الأب ولا الابن قد استقل بنفسه في تأليف وجمع هذه الرسالة, وإنما القول الأرجح أنهما قد تعاونا في تحصيلهما في هذا الثواب الأنيق, وهذا خلاصة التحقيق بالنسبة للمؤلف والله أعلم.
المطلب الثاني: دراسة حول المخطوطة:
الأولى: اسم المخطوطة وبعض ما يتصل بها: رسالة في السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله وهي موقوفة لمكتبة الأزهر, وعلى الصفحة الأولى آبيات لمن أوقفها الثانية: عدد الأوراق خمس عشرة ورقة, وفي كل ورقة سبعة عشر سطرا, وفي السطر ما بين من سبعة وثماني كلمات, وبخط النسخ كتبت, وعلى الهوامش مراجعات كثيرة. وهى نسخة واحدة نادرة لم نجد لها بعد البحث المتواضع ثانية مما كلفنا هذا عناء مضاعفة الجهد والتحرى اثناء النسخ والتحقيق.
الثالثة: ... أهمية المخطوطة:
تشرح هذه المخطوطة حديثا شريفا وهو: "السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... " وتتوسع في معنى هذا العدد حتى توصله إلي أربع وتسعين مع نقل أقوال العلماء المبينة إلي معنى هذه الخصال السبع على قصر هذه السبع على العدد المعين فقط, وقد أحسن المؤلف في مخطوطته في جمع جميع الروايات الجامعة لهذه الخصال الموجبة للظلال, وإن كان مما يؤاخذ عليه أنه جمع ما لم يصح وكان الأولى أن يكتف بما صح وفيه كفاية, وكذلك نقله لأقوال كل من سبقه في التأليف في هذا الموضوع وهم كثر وهو ما سنشير إليه الآن.
الرابعة: من ألف فى هذا الموضوع , وسمى مؤلفاته باسم قريب من اسم هذه المخطوطة: الإمام السيوطي: وله مخطوطتان الأولى: بزوغ الهلال في الخصال الموجبة الظلال والأخرى له: تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش وهو الأصل المختصر منه.
1 - لابن حجر العسقلاني: الخصال الموجبة للظلال.
2 - وللإمام السخاوي: بنفس الإسم السابق أو باسم الخصال الموجبة للظلال. (¬1)
3 - وللزرقاني هذه المخطوطة وهي بالإسم المذكور ومن هنا يتبين لنا كم هي أهمية هذه المخطوطة.
4 - اللمعة في أوصاف السبعة. (¬2)
الخامسة: مراجع ومصادر المؤلف في مخطوطته:
1 - الخصال الموجبة للظلال لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي.
2 - صحيح مسلم, صحيح البخاري, سنن النسائي.
3 - سند الطيالسي.
4 - الموطأ للإمام مالك.
5 - سنن الترمذي.
6 - الحلية لأبي نعيم.
7 - أمالي ابن الجراح.
8 - مستدرك الحاكم.
9 -
مخ ۲
10 - 11 - شعب الإيمان للبيهقي.
12 - زوائد الزهد لعبد الله بن أحمد أو أحمد بن حنبل. "زوائد مسند أبيه".
13 - الكامل في ضعفاء الرجال لأبي عدي.
14 - كتب ابن أبي الدنيا.
15 - الفردوس بمأثور الخطاب للديلمى.
16 - الأصفهاني.
17 - مسند أبو يعلى الموصلى.
18 - المعجم الأوسط للطبراني.
19 - مسند أحمد.
20 - مصنف بن أبي شيبة.
21 - مسند عبد بن حميد.
22 - الثواب لأبي الشيخ.
23 - المختارة لضياء.
24 - الترغيب للتيمي.
25 - ابن منيع؟
26 - التاريخ لابن عساكر.
27 - ابن شاهين الترغيب.
28 - أبو بكر بن لال مكارم الأخلاق.
29 - الدارقطني.
30 - ابن السني.
31 - القسطلاني.
32 - أبو حاتم المجروحين؟
33 - جزء طلحة بن على بن الصقر.
34 - الثقات لابن حبان.
35 - المعجم الكبير للطبراني.
36 - التاريخ للخطيب.
37 - أمالي ابن ناصر.
38 - الزهد لأحمد بن حنبل.
39 - الزهد لابن المبارك.
40 - أمالي ابن البختري.
41 - ابن كمال الدين السيوطي؟
42 - أبو شامة؟
43 - فتح البارى لابن حجر.
44 - مسند أحمد.
مخ ۳
تميز هذه المخطوطة:
1 - تعتبر هذه المخطوطة كنز ثمين إذ أنها تناولت الحديث عن حديث شريف وهو "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله", إذ أن مؤلفها بين أن الخصال الموجبة لأن يستظل صاحبها تحت العرش لا تقتصر على العدد المعين سبعة.
2_ تعتبر المخطوطة مادة علمية يستفاد منها في باب ترغيب العباد في فعل الطاعات, إذ ذكر مؤلفها العديد من الخصال التي يكون بسببها حصول الاستظلال بالعرش, كإعانة الغارمين , وكفالة الأيتام , والأرامل , والجهاد , والغزو, وحفظ القرآن في الصغر والعمل به ... الخ.
خطوات تحقيق المخطوطة:
1 - التعريف بالرجال الذين ورد ذكرهم في المخطوطة.
2 - ترجيح بعض الأمور التي يراها تناسب موضوع المخطوطة وقد بين ذلك في الحاشية.
3 - تخريج الأحاديث وعزوها إلي مصادرها.
4 - بيان معاني بعض المفردات الغريبة.
5 - الترجمة في معظم الأحيان لرواة الحديث.
6 - الإشارة إلي أقوال العلماء في الحكم على الحديث أحيانا.
7 - الإشارة إلي بعض الكلمات غير الواضحة في خط المخطوطة, وبيان ذلك في الحاشية, والميل إلي ما يناسب سياق الكلام, أو تصويبه من خلال الرجوع إلي كتب التخريج أو المراجع الخاصة بذلك والتي تناولت الحديث عنه.
8 - المقارنة بين مخطوطة بزوغ الهلال للإمام السيوطي ومخطوطة السبعة الذين يظلهم الله في ظله للإمام محمد بن عبد الباقي الزرقاني, والإشارة إلي بعض الاختلافات بينهما فيما ورد فيهما من أحاديث, وتصحيح أسماء بعض الرواة الذين وقع في اسمهم تصحيف, وتم الإشارة إلي ذلك في الحاشية.
9 - تخريج الآيات وعزوها إلي سورها إن وجد.
10 - ذكر بعض الأبيات التي لم يذكرها المؤلف في مخطوطته مما نقله عن أبي شامة والإمام ابن حجر والإشارة إلي بعض الاختلافات إن وجد.
مخ ۴
(بداية تحقيق المخطوطة)
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد أحمد الله تعالى على نعمه التى تترى، وأشكره على مزيد إنعامه علينا دنيا وآخرة، والصلاة والسلام على من جعل دعوته شفاعة لنا يوم القيامة ذخرا، وعلى آله وأصحابه الذين نالوا به أعلى مقام أعظم به فخرا، فهذه عجالة للقاصر الباع، القليل الإطلاع، فمن لي في الأنام ضارع، ولم يحمل رماح الحفظ على عاتقه، ولا بين فرسان الحفاظ بسهام الإصابة صارع.
انتقيتها من كتاب الحافظ الشهير العالم الكبير أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (¬1)، متعه الله بالنظر إليه وجعله ممن بظل عرشه يأوى، في الخصال الموجبة للظلال (¬2)، فإنه رحمه الله تعالى قد أجاد، ومد ساعد الجد حتى أفاد فوق ما استفاد.
مخ ۵
روى الشيخان والنسائي والطيالسي عن أبي هريرة والإمام مالك في الموطأ، ومن طريقه مسلم والترمذي عن أبي هريرة أو أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (سبعة يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) (¬1).
رواه أبو نعيم وغيره من حديث أبي هريرة وابن الجراح في أماليه من حديث ابن مسعود فقالا بدل (وشاب نشأ في عبادة الله) (ورجل كان في سرية مع قوم فلقوا العدو فانكشفوا (¬2)، فحمى آثارهم) (¬3)، وفي لفظ (ديارهم) حتى نجوا ونجا أو استشهد، قال الحافظ ابن حجر حسن غريب جدا (¬4).
وروى الحاكم وتلميذه البيهقي في الشعب عنه حديث أبي هريرة فقال بدل "الشاب" أيضا "ورجل تعلم القرآن في صغره فهو يتلوه في كبره" (¬5)، وروى عبد الله بن أحمد (¬6) في زوائد الزهد لأبيه الحديث عن سلمان موقوفا، وحكمه الرفع فمثله لا يقال رأيا، وأبدل "الإمام" ,"الشاب" بقوله: "ورجل يراعي (¬7) الشمس لمواقيت الصلاة، ورجل إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت عن حلم" (¬8).
ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ "سبعة يظلهم الله في ظل عرشه، رجل نبت بحلم وعلم إن تكلم ... الخ" (¬9)، وأخرج ابن عدي عن أنس رفعه أربعة في ظل الله، وعد الشاب والمتصدق والإمام، قال: "ورجل تاجر اشترى وباع فلم يقل إلا حقا" (¬10)، وسنده ضعيف، لكن له طريق آخر عنه مرفوعا بلفظ "التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة" (¬11)، رواه الديلمي والأصفهاني، وهو ضعيف أيضا لكن له شواهد.
مخ ۶
عن سلمان (¬1) عند البيهقي وعلي مرفوعا، وأبي هريرة مرفوعا، وأخرج مسلم والحسن ابن سفيان وأبو يعلى وآخرون عن (أبي اليسر) (¬2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أنظر معسرا (¬3) أو وضع عنه (¬4) أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) (¬5)، وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه عن عثمان سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أظل الله عبدا في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا أو ترك لغارم (¬6)) (¬7).
وللطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من أنظر معسرا أو تصدق عليه، أظله الله في ظله يوم القيامة) (¬8)، والصدقة على المعسر أسهل من الوضع عنه فهي غيرها، وله أيضا عن جابر مرفوعا: (أظل الله في ظله يوم القيامة من أنظر معسرا أو أعان أخرق (¬9)) (¬10)، وفي إسناده ضعف، والأخرق الذي لا صناعة له ولا يقدر أن يتعلم صنعة.
ولأحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحاكم والبيهقي عن سهل بن ضيف مرفوعا: (من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غازيا في عسرته أو مكاتبا في رقبته، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) (¬11).
وإعانة الغارم لا تتكرر مع الترك له، لأنه أخص من معونته.
مخ ۷
وأخرج أبو يعلى والضياء في المختارة (¬12) عن عمر رفعه (من أظل رأس غاز، أظله الله يوم القيامة) (¬13)، ولأبي الشيخ (¬14) في (الثواب) (¬15)، ومن طريقه والتيمي في غريبه، وأبو نعيم في فضل إطعام الطعام عن جابر رفعه (ثلاث من لحق فيه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله الوضوء على المكاره (¬1) والمشي إلى المساجد في الظلم، وإطعام الجائع) (¬2)، قال الحافظ ابن حجر: غريب (¬3)، وفيه (القفاري) (¬4) ضعيف جدا، لكن في الترغيب في كل من الثلاثة أحاديث قوية.
وللطبراني عن جابر (من أطعم الجائع حتى يشبع أظله الله تحت ظل عرشه) (¬5)، وإشباع الجائع أخص من مطلق إطعامه، قلت: لا ينهض هذا مع اتحاد المخرج وهو جابر، فيحتمل أن ترك الغاية في الرواية الأولى تقصيره في السماع، أو المراد الإطعام المعتبر وهو الإشباع بدليل الرواية الثانية، لكن قد عدهما الأصل خصلتين - انتهى -.
ولأبي الشيخ بسند ضعيف عن علي رفعه: (أن سيد التجار لزم التجارة التي دل الله عليها من الإيمان بالله ورسوله، وجهاد في سبيله فمن لزم البيع والشراء فلا يذم إذا اشترى، ولا يحمد إذا باع، وليصدق الحديث ويرد الأمانة، ولا يعمق للمؤمنين الغلاء، فإذا كان كذلك كان أحد السبعة الذين في ظل العرش) (¬6)، وهذا قدر زائد على الصدق فيمكن أن يكون خصلة مستقلة.
مخ ۸
وللطبراني (¬7) عن أبي نعيم والديلمي وابن عدي (¬8) عن أبي هريرة رفعه: (أوحى الله إلى إبراهيم، يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار، وإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت ظل عرشي، وأسقيه من حظيرة قدسي (¬1)، وأدنيه من جواري) (¬2)، وللطبراني عن جابر رفعه في حديث: (ومن كفل يتيما أو أرملة (¬3) أظله الله في ظله يوم القيامة) (¬4) ضعيف لكن له شواهد.
وأحمد وابن منيح (¬5) والبيهقي وغيرهم عن عائشة رفعته: (أتدرون من "السابق" (¬6) على ظل الله يوم القيامة، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم) (¬7)، قال الحافظ بن حجر غريب، ولم أره إلا من حيث ابن لهيعة وحاله معروف (¬8).
وابن عساكر وابن شاهين (¬9) وابن أبي الدنيا والحاكم عن أبي ذر رفعه: (إني موصيك بوصية فاحفظها لعلها تنفعك، زر القبور تذكرك الآخرة، قلت: بالليل، قال: "بالنهار أحيانا، ولازم غسل الموتى فإن في "معاينة" (¬10) جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك فإن الحزين في ظل الله، معرض لكل خير، وجالس المساكين، و(سلم) (¬11) عليهم، وكل مع صاحب (البلاء) (¬12) إيمانا وتواضعا، والبس الخشن من الثياب وتزين لعبادة ربك أحيانا، ولا تعذب شيا مما خلق الله بالنار) (¬13)، قال الحافظ ابن حجر: غريب وفيه ضعف، وخفيت علته على الحاكم فاستدركه (¬14).
وابن شاهين، وأبي نعيم وغيرهما عن الصديق سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الوالي العادل ظل الله ورمحه في الأرض فمن نصحه في نفسه وفي عباد الله أظله الله يوم القيامة) (¬15) رجاله معروفون إلا سليمان من (رجال) (¬16) فقال أبو حاتم: مجهول (¬17).
مخ ۹
وأبو بكر بن بلال (¬1)، وأبو الشيخ (¬2) عن الصديق رفعه: (من أراد أن يظله الله بظله فلا يكن على المؤمنين غليظا، وليكن بالمؤمنين رحيما) (¬3). والدارقطني وابن السني (¬4) والديلمي عنه، وعن عمران بن حصين قالا: قال موسى عليه السلام لربه عز وجل: ما جزاء من عزى الثكلى (¬5)، قال: أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) (¬6)، قال الحافظ القسطلاني وطريق كل من هذين الحديثين أوهى مما مر (¬7).
مخ ۱۰
وابن أبي الدنيا (¬8) عن فضيل بن عياض قال: "بلغني أن موسى قال: أي رب من تظل تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك قال: يا موسى الذين يعودون المرضى، ويشيعون الهلكى، ويعزون الثكلى" (¬9)، وروى أبو سعيد السكري (¬10) عن علي رفعه: "السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم قال من هم: قال هم شيعتك يا علي ومحبوك" (¬11)، واه جدا فيه (سليمان الملطي) (¬12) رواه الدارقطني بالكذب، و(سلم بن ميمون الخواص) (¬1) ضعيف، قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه (¬2). وقال ابن حبان: شغله الصلاح عن حفظ الحديث حتى كثرت المناكير في روايته (¬3).
والبيهقي وابن عساكر عن أبي الدرداء قال: قال موسى: "يا رب من يساكنك في حظيرة القدسي، ومن يستظل بظلك يوم لا ظل إلا ظلك" قال: "أولئك الذين لا ينظرون بأعينهم الزنا، ولا (يبتغون) (¬4) في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، أولئك طوبى لهم وحسن مآب" (¬5). قال الحافظ أبو الفضل (¬6): "غريب وليس في رواية من اتفق على تركه، وما كان أبو الدرداء ممن يأخذ عن أهل الكتاب، فالظاهر أن لحديثه حكم الرفع" (¬7).
وأخرج أبو القاسم التيمي (¬8) في ترغيبه عن ابن عمر مرفوعا: "ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب، رجل لم يأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يده إلا ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حرم عليه" (¬9). فيه (عتبة القرشي) (¬10) متروك متهم، لكن ورد في الخصال الثلاث ما يرغب فيها.
مخ ۱۱
وروى طلحة بن علي بن الصقر (¬11) في جزئه المشهور عن ابن عباس، قال: "من قرأ إذا صلى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى "ويعلم ما تكسبون" (¬12) نزل إليه أربعون ألف ملك يكتب له مثل أعمالهم" الحديث، وفيه: "فإذا كان يوم القيامة قال الله: امش في ظلي" (¬13)، فيه إبراهيم بن إسحاق (الصبي) (¬1) متروك، قاله الدارقطني (¬2)، وقال الأزدي (زايغ) (¬3)، وذكره ابن حبان في الثقات (¬4)، وورد ما يستأنس له به.
وأبو الشيخ والديلمي عن يزيد الرقاشي (¬5) عن أنس رفعه "ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله، واصل الرحم يزيد الله تعالى في رزقه، ويمد له في أجله، وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاما صغارا فقالت: لا أتزوج أقيم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله تعالى، وعبد صنع طعاما (فأطاب صنعه) (¬6) وأحسن نفقته، (فدعى) (¬7) (عليه) (¬8) الفقير والمسكين، فأطعمهم لوجه الله عز وجل" (¬9).
والطبراني في الكبير عن أبي أمامة رفعه: "ثلاثة في ظل الله يوم القيامة، رجل حيث توجه علم أن الله معه، ورجل دعته امرأته إلى نفسها فتركها من خشية الله، ورجل يحب الناس لجلال الله تعالى" (¬10). فيه (بشر بن "غير" (¬11)، متروك) (¬12).
وروى الخطيب في التاريخ عن أبي سعيد (¬13) رفعه: (إذا كان يوم القيامة جيء بكراسي من ذهب مكللة بالدر والياقوت، مفروشة بالسندس والاستبرق، ثم يضرب عليها قباب من نور، ثم ينادي مناد أين المؤذنون؟ فيقومون وهم أطول الناس أعناقا، فيقال لهم: اجلسوا على تلك الكراسي تحت تلك القباب حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإنه لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" (¬14)، وسنده ضعيف جدا، وأفرد المؤمنون بالذكر عن مراعي الشمس، فإنه قد لا يكون مؤذنا.
مخ ۱۲
والديلمي بلا سند عن أنس مرفوعا: "ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، من فرج على مكروب من أمتي، وأحيى سنتي، وأكثر الصلاة علي" (¬1).
وأخرج الديلمي مرفوعا: " (ادمنوا) (¬2) أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، مع أنبيائه وأصفيائه" (¬3)، أو مر حديث: "ورجل تعلم القرآن في صغره، فهو يتلوه في كبره" (¬4)، لكن الظاهر أن هذه الخصلة وهي حامل القرآن غير تلك، قلت: كأنه لحظ أنه لا يلزم من حمله كونه تعلمه في صغره انتهى.
وروى أبو يعلى في حديث طويل عن أنس رفعه: "إذا خرج المسلم من بيته يعود أخاه المسلم خاض في الرحمة إلى حقويه (¬5) فإذا جلس عنده غمرته الرحمة، وكان المريض في ظل عرشه والعائد في ظل عرشه" (¬6). فيه (عياد) (¬7) بن كثير، ضعيف متروك لغفلته وإن كان صالحا لكن له شواهد.
والديلمي عن أبي هريرة رفعه: "أهل الجوع في الدنيا هم الذين يقبض الله أرواحهم، وهم الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم (يعرفوا) (¬8) أخفياء في الدنيا، (معروفون) (¬9) في السماء، إذا رآهم الجاهل ظن (أنهم) (¬10) سقما، وما بهم سقم (¬11) إلا الخوف من الله، يستظلون يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله" (¬12). في إسناده ضعف.
مخ ۱۳
وابن أبي الدنيا عن مغيث بن (سماء) (¬1) أنه قال: "الصائمون في ظل العرش" (¬2)، ومثله لا يقال رأيا، بل عندهم أيضا عن أنس مرفوعا: "الصائمون ينفخ من أفواههم ريح المسك، وتوضع لهم يوم القيامة مائدة تحت العرش فيأكلون منها، والناس في شدة" (¬3)، والديلمي عن أبي الدرداء رفعه "يوضع للمصلين موائد من ذهب تحت العرش" (¬4).
وفي أمالي ابن ناصر (¬5) عن أبي سعيد رفعه "من صام في رجب ثلاثة عشر يوما، وضع الله له يوم القيامة مائدة، في ظل العرش يأكل منها والناس في شدة" (¬6)، وهو شديد الوهاء.
والحارث بن أبي أسامة (¬7) عن علي رفعه "من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة جاء يوم القيامة، فقيل: هذا من الصديقين، فيجوزهم (¬8)، فيقال: هذا من الشهداء فيجوزهم، فيقال: هذا من النبيين فيجوزهم، فيقال: هذا من الملائكة فيجوزهم فلا يحجب حتى ينتهي إلى ظل العرش" (¬9)، وهذا منكر قاله الديلمي.
عن أنس رفعه "يؤتى يوم القيامة بالمتقاعسين والمتبذلين، قالوا: يا رسول الله، ومن هم؟ قال: أما المتبذلون فهم الذين تركوا مهج دمائهم لله فهرقوها (¬10) شاهري سيوفهم، يتمنون على الله عز وجل يوم القيامة لا يرد لهم حاجة، وأما المتقاعسون منهم أطفال المؤمنين اشتد عليهم الموقف، فيتصايحون فيقول الله: يا جبريل ما هذا الصوت وهو أعلم بذلك، فيقول جبريل: رب أطفال المؤمنين اشتد عليهم الموقف، قال: فيقول أظلهم تحت ظل عرشي فيظلهم، ثم يقول: يا جبريل أدخلهم الجنة، يرتعون فيها فيسوقهم جبريل، فيصيحون كما يصيح الخرفان إذا عزلت أمهاتهم، فيقول: يا جبريل، وهو بذلك أعلم، ما حالهم؟ قال: يا رب يريدون الآباء والأمهات، فيقول الله عز وجل: ادخل الآباء والأمهات مع أطفالهم جنتي برحمتي" (¬11). ضعيف لبعضه شواهد.
مخ ۱۴
والطبراني برواة ثقات عن ابن عمر مرفوعا في حديث "إن إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت ظل عرشي" (¬1).
وأبو نعيم عن وهب بن منبه قال: "قال موسى: إلهي من ذكر بلسانه وقلبه، قال: يا موسى أظله بظل عرشي، واجعله في كنفي" (¬2). وعنده بطريق آخر عن كعب مثله، وهما واهيان، لكن في الذكر أحاديث شاهدة بالثواب الجزيل منها ما يستأنس به في الجملة.
وابن عساكر عن ابن مسعود وسعيد بن منصور (¬3) والبيهقي عن رجل من الصحابة قال: "رأى موسى رجلا في ظل العرش، قال: من هذا؟ قال: لا أحدثك من هو، ولكن سأخبرك بثلاث فيه: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة" (¬4).
وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار: "إن موسى قال: يا رب أخبرني بأهلك الذين هم أهلك، الذين تؤويهم في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، قال: هم الطاهرة قلوبهم، (النقية قلوبهم) (¬5)، البرية (أبدانهم) (¬6)، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين (يسعون) (¬7) في الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكرها، (ويغضبون لمحارمي) (¬8) إذا استملت كما يغضب النمر (إذا حرب) (¬9) ويكلفون (¬10) بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس" (¬11).
وابن المبارك في الزهد، أخبرنا معمر عن رجل من قريش قال: قال موسى قد ذكره وزاد "الذين يعمرون مساجدي، ويستغفروني بالأسحار" (¬12).
وأبو نعيم عن أبي إدريس الخولاني قال: "قال موسى يا رب من في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، قال: الذين أذكرهم ويذكروني، ويتحابون بجلالي، فأولئك في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" (¬13).
مخ ۱۵
والديلمي عن أنس مرفوعا يقول: "الله عز وجل قربوا أهل لا إله إلا الله، من ظل عرشي فإني أحبهم" (¬1)، والطبراني بسند صحيح في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: "لهم - أي المؤمنين - منابر من نور يظل عليهم بالغمام" (¬2).
والديلمي وأبو يعلى بسند ضعيف عن أبي الدرداء مرفوعا "خلق الله الإنس ثلاثة أصناف، صنف كالبهائم، قال الله تعالى: لهم قلوب الآية (¬3)، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله" (¬4). والمراد أخيار المؤمنين كما صرح به القرطبي فقال: في قول سلمان "لا يجد حر جهنم مؤمن ولا مؤمنة" (¬5)، ظاهره العموم، وليس كذلك أما المراد والله أعلم مؤمن كامل الإيمان، أو من استظل بظل العرش، وكذا ما جاء المرء في ظل صدقته، والأعمال الصالحة أصحابها في ظلها. انتهى.
وفي حديث مرفوع "أن الشهداء في ظل عرش الرحمن في الجنة" (¬6)، وأبو داود والحاكم، وصححه على شرط مسلم مرفوعا "في شهداء أحد أن أرواحهم في أجواف طير خضر تأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش " (¬7).
وروى الحسن بن علي بن محمد الخلال (¬8) والخطيب عن ابن عباس مرفوعا: "اللهم اغفر للمعلمين وأطل أعمارهم، وأظلهم تحت ظلك فإنهم يعلمون كتابك المنزل" (¬9).
قال بعض الحفاظ: هذا موضوع.
مخ ۱۶
وأبو الشيخ والديلمي عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعا: "ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة، القرآن يحاج العباد، والأمانة والرحم ينادي إلا من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله" (¬1). قال العقيلي: لا يصح إسناده.
وأبو نعيم عن كعب الأحبار "أوحى الله إلى موسى في التوراة، يا موسى من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ودعى الناس إلى طاعتي، فله صحبتي في الدنيا، وفي القبر، وفي القيامة ظلي" (¬2).
في أمالي ابن البختري (¬3) عن جابر مرفوعا: "أنا سيد ولد آدم إلى أن قال: وفي ظل الرحمن عز وجل يوم القيامة، ولا ظل إلا ظله، ولا فخر".
ويروى عن أحمد في مناقب علي مرفوعا: "إنه يسير القيامة بلواء الحمد، وهو حامله، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره حتى يقف بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين إبراهيم في ظل العرش" (¬4). ومن (الوافي) (¬5) ما يشهد له أن صلح للاستشهاد ما عند الحاكم عن (سلمان الفارسي) (¬6) مرفوعا: "إذا كان يوم القيامة ضربت له قبة حمراء عن يمين العرش، وضربت لإبراهيم قبة من ياقوتة خضراء عن يسار العرش، وضرب فيما بيننا لعلي بن أبي طالب, قبة من لؤلؤة بيضاء فما ظنك بحبيب بين خليلين" (¬7).
والديلمي عن عمر مرفوعا: "فاطمة وعلي والحسن والحسين (من) (¬8) حظيرة القدس في قبة بيضاء، سقفها عرش الرحمن" (¬9)، ونحوه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا: "أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة تحت العرش" (¬10). واعلم أن عد سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - وإبراهيم الخليل - عليه الصلاة والسلام - وعلي وفاطمة وابنيهما لأنهم أخص من مطلق الأنبياء والأصفياء، كما أن عد السيد إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه أخص من مطلق أولاد المؤمنين، وكذا عد شهداء أحد لأنهم أخص من مطلق الشهداء، قاله السخاوي.
هذا ما يسر الله الوقوف عليه في مدة متطاولة وليس ذلك على وجه الحصر فيه، بل باب الفضل مفتوح، قال: ووصل بها ابن كمال الدين السيوطي (¬11) ممن تردد إلى وقفا إلى نيف وسبعين، ونظمها وأدرج ما لا تصريح بالمراد منه في أحاديثه وإن أسفرت به، كالزهد وقضاء الحوائج، وصالح العبيد، والإمام المرتضى للمأمومين والمهاجر، فلفظه في الأول: "جلساء الله غدا أهل الورع والزهد" (¬12)، وفي الثاني: "إذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور، ويحادثون الله ورسوله والناس في الحساب" (¬13)، وفي الثالث والرابع: "ثلاثة على كثب (¬14) من مسك أسود لا يهولهم الفزع الأكبر، ولا ينالهم الحساب، رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأم قوما وهم راضون، ورجل أذن في مسجد دعى إلى الله ابتغاء وجهه، ورجل ابتلي بالرق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة" (¬15). رواه البيهقي.
وفي الخامس: "أن للمهاجرين منابر من (نور) (¬16) يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع" (¬17). قال السخاوي: "ولو أريد استيفاء ما يشبه ذلك لزادت كثيرا، بل ربما يتوهم من نظمه، أن الطفل والمؤذن والمعلم تتلو وليس كذلك" انتهى.
وقد نظم أبو شامة السبعة الأولى في (بيت) (¬18)، وذيله الحافظ ابن حجر بثلاث سبعات، وزادها ستا ولم ينظمها، فذكرت ذلك وذيلت عليه بقية ما ذكر السخاوي، والجملة أربعة وتسعون خصلة، فقلت: أتى في الموطأ والصحيحين "سبعة يظلهم الله الكريم بظله" (¬19) أشار لهم رمزا إمام زمانه أبو شامة إذ قال في بيت شعره:
مخ ۱۷
محب عفيف ناشئ متصدق ... وباك مصل والإمام بعدله ثلاثة سبعات فقال بنقله
وزاد عليه القسطلاني (¬1) بعده
وزد سبعة إظلال غاز وعونه ... وإنظار ذي عسر وتخفيف حمله
وحامي غزاة حين ولوا وعون ذي ... (غزاة) (¬2) حق مع مكاتب أهله (¬3) ... وزد مع ضعف سبعتين إعانة ... لأخرق مع أخذ لحق وبذله
وكره وضوء ثم مشي لمسجد ... وتحسين خلق ثم مطعم فضله
وكافل ذي يتم فأرملة ... وهت وتاجر صدق في المقال وفعله (¬4) ... وحزن وتصبير ونصح (وراقة) (¬5) ... (تريح) (¬6) بها السبعات من فيض فضله
وقد زادها ستا بضعف ولم تقع ... منظمة منه فخذ منظم نثره
فحب علي ثم ترك لرشوة زنا ... ورب حكم لغير كمثله
ومن أول الأنعام آي ثلاثة ... عقيب صلاة الصبح غاية نقله
وأوصلها الشيخ السخاوي أربعا ... وتسعين مع ضعف لإسناد جله
مراتب شمس للمواقيت ساكت ... بحلم وعن علم بقول وعقله
ومن حفظ القرآن حاله صغره ... وفي كبر يتلو وحامل كلمه
مريض وتشييع لميت عبادة ... شهيد ومن في أحد فاز بقتله
وعلم بأن الله معه وتاجر ... أمين بلا مدح وذم لرحله
وم ... ومن لم يمد اليد نحو محرم ... عليه ولم ينظر إلى غير حله
محسن طعم للفقير مصدق ... على معسر ترك الغريم لعسره
وكافلة أيتامها بعد زوجها ... ومشبع جوع ثم واصله أهله
محب الأناسي للجلال مؤذن ... ومن لم يخف في الله لوما لعذله
كذا رحم ثم الأمانة تلوها ... خيار ذوي التوحيد طيب فعله
مفرج كرب ثم محيي لسنة ... مصل على الهاد كثيرا بعمره
قرآن وأهل الجوع خوفا ... وصائم ثلاثة عشر من مرص حوله
ومن يقرأ الإخلاص من بعد ضرب ... ثلاثين في ثنتين من بعد نفله
وأطفال ذي الإيمان نجل نبينا ... وغير حسود لا يفق لأصله
وطاهر قلب ليس يمشي نميمة ... برئ ومكلوف محب لربه
منيب ومذكور يذكر إلهه ... ولحرمته غضبان داع لسبله
وأمر بمعروف ونهي لمنكر ... وذكر بقلب مع لسان لنيله
ومستغفر الأسحار عمار مسجد ... كذلك صوام معلم طفله
ومن يذكر الرحمن مع ذكرهم له ... كذا أنبياء الله مع أهل صفوه
خليل إله العرش فاطمة كذا ... علي ونجلاه وخاتم رسله
عليه صلاة مع سلام به نرى ... بحرمته يوم المعاد بظله
وأما نظم العالم الفقيه النحوي معمر بن عبد القوي المالكي المكي وإن أطنب فيه شيخه السخاوي، وقال: إن أبياته جامعة للخصال، قاطعة للقيل والقال، ففيه أعواز كقوله في الستة التي من جهات لم ينظمها الحافظ.
فخذ نظمها حكم لغير كنفسه ... محب لسيف الله شيعة عدله
وترك الزنا ترك الربا ورشوة ... وأول إنعام نهاية كله
إذ لا يعلم المراد بقوله: وأول إنعام إذ يصدق بآية، وبأكثر من الثلاثة، ومد الربا، وهو مقصور، وفي جوازه للنظم خلاف ، وكذا قوله:
ومن حفظ القرآن في حال صغره ... وفاز كبيرا في الأنام بحمله
لا يعلم المراد به فإنه جعل قوله "وفاز كبيرا" رمزا لقوله في الحديث "فهو يتلوه في كبره" (¬7)، بل يتوهم ببادئ الرأي أنه مكرر مع قوله بعده بأبيات "وحامل قرآن"، والمطلوب أنه غيره، وكذا قوله: "وصانع طعم لليتيم (¬8) " فليس المراد مجرد الصنع بل تحسينه، ولا خصوص اليتيم، فلفظ الحديث "وعبد صنع طعاما"، فأحسن صنعه، فدعى إليه الفقير، والمسكين، فأطعم لوجه الله، كما مر وكذا قوله: مصل فقرآن أتى بعد مغرب فيه إجمال، فلا يعلم المراد به إلا بالوقوف على الحديث، وكذا قوله: "وعماد بيت الله جل جلاله" أراد به جنس المسجد، مع أن المتبادر من اللفظ البيت العتيق، وكذا قوله: "ثم المحب لأجله"
مخ ۱۸