لولا وضوعُ وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار يكون تقدمة لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدةُ أقوامٍ ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة، وتمامُ التقوى أن يتقي الله العبدُ حتى يتقيه في مثل مثقال ذرة، حتى يترك بعضَ ما يرى أنه حلال خشيةَ أن يكون حرامًا، يكون حاجزًا بينه وبين الحرام، إن الله تعالى قد بين لعباده الذي هو مصيرهم إليه، قال الله ﷿: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].
* فلا تحقرنَّ شيئًا من الشر أن تتقيه، ولا شيئًا من الخير أن تفعله (١).
أخبرنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا ابن المحبِّ: أنا القاضي سليمانُ: أنا الحافظُ ضياءُ الدين: أنا أبو جعفرٍ: أنا أبو عليٍّ: أنا الحافظُ أبو نعيمٍ: ثنا سليمانُ بن أحمدَ: ثنا المقدامُ بن داودَ: ثنا عليُّ بن معبدٍ: ثنا موهبُ بن راشدٍ: ثنا مالكُ بن دينارٍ، عن جلاسِ بن عمرٍو، عن أبي الدرداءِ، قال: قالَ رسولُ الله ﷺ: "إِنَّ الله ﷿ يقولُ: أَنَا الله لا إِلَهَ إِلا أَنَا مَالِكُ المُلْكِ، وَمَلِكُ المُلُوكِ، قُلُوبُ المُلُوكِ في يَدِي، وَإِنَّ العِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي، حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَإِنَّ العِبَادِ إِذَا عَصَوْنِي، حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخَطِ وَالنَّقْمَةِ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ العَذَابِ، فَلا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى المُلُوكِ، وَلكن اشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالذِّكْرِ والتَّضَرُّعِ إِلَيَّ أَكْفِكُمْ مُلُوكَكُمْ" (٢).
_________
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢١٢).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٣٨٨).
1 / 70